#الثائر
بغض النظر عما تم تسريبه من "معلومات" أشارت إلى أن الكمين في قبرشمون كان يستهدف الوزير جبران باسيل لا الوزير صالح الغريب، وبعيدا من الكلام الذي سيفضي به رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط ظهر اليوم، لا بد من القول صراحة أن الدولة في طور الإنتحار، أو هي الآن في موت سريري، أو "كوما" مستعصية منذ ثلاثين سنة وأكثر، وما شهدناه طوال هذه الفترة هذيان... وأي هذيان!
نعم الدولة في "كوما" وليعذرنا الجميع، ومن كل القوى والأطياف السياسية، ثمة من هو متورط وثمة من تورط وثمة من سيتورط، والكل اتفق على أن "الكوما" أفضل الحلول، كونها أقل ضررا من أن تستعيد الدولة وعيها وحضورها، فضلا عن أن ثمة قناعة راسخة بأن المطلوب - محليا وإقليميا - أن يظل لبنان ضعيفا، دون سلطة مركزية قادرة على بسط سلطتها، والمطلوب أيضا أن يظل لبنان ساحة محكومة بالنزاعات لصالح أجندات خارجية، وما أكثرها، وأهواء داخلية وما أرخصها، ولمن يستسهل سوق الأمور على النحو الذي شهدناه منذ حادثة الشويفات عقب الانتخابات النيابية الأخيرة لا يدرك أن اللعب بالنار مجلبة لشر مستطير، أخذا في الاعتبار أن الحرب الأهلية مهيأة للتمظهر مع أي خطوة ناقصة ولو بالصدفة.
نعم نحن في دولة عاجزة، وما نعيش من تجليات فاضحة على خلفية حادثة قبرشمون – البساتين، يؤكد أن الدولة مغيبة، أو هي غائبة طوعا لأغراض ومصالح وأهواء يتداخل فيها المحلي بالإقليمي والخاص بالعام، وقمة عجز الدولة أن تُترك الأمور على غاربها، من الشويفات إلى البساتين، وبغض النظر عن "المستهدف" في "كمين"، كان على الدولة رفع الغطاء عن كل القوى السياسية المعنية من قريب أو بعيد، وأن ترفع الحصانة عن نواب ووزراء، لا أن تحابي فلانا وتجافي آخر، هنا سقطت الدولة في فخ نصبه غيرها، فاستساغت الطعم وهي الآن غارقة في تصورات يراد منها مراضاة قوى ترى لبنان كيانا ملحقا.
ومن ثم، أن تصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم، وبعد نحو خمسة أسابيع على حادثة "طيرت" مجلس الوزراء وغيبت الدولة، فذلك وحده يؤكد المؤكد، فهل ثمة ضرورة للاجتهاد لنصل إلى حقيقة راسخة من أن الدولة عاجزة عن تكريس قيم العدالة وسط سلطة مرتبكة، وأن جُلّ سياسييها من كل الاتجاهات لديهم في مكان ما "مونة" على بعض القضاء؟!
ما زال بالإمكان تدارك الأخطر، لم يفت الأوان بعد، ولبنان أوهى من أن يتحمل مغامرات من هنا وهناك!