#الثائر
– أنور عقل ضـــــــو
بعض الهدوء مطلوب لنفهم ما جرى ويجري وسط التمادي في إلغاء الدولة، منطقا وحضورا ومؤسسات، وهذه المرة من خاصرة مجلس الوزراء الرخوة، وإلا سنظل في وهدة الإنتظار العقيم، ونفرغ الساح لنعيب البوم في خرائب تنذر بخراب، خصوصا وأن ثمة سياسيين يصح وصفهم بالضفادع، أصوات حادة من نقيق نفاجأ أنه صادر من ضفدع لا يزن أكثر من غرامات قليلة، ولا نتحدث هنا عن أحجام سياسية، فالمسألة أبعد وأعقد، فكل من يتوهم أنه قادر على حكم البلد بالاستعلاء والاستقواء هو ضفدع وإن علا نقيقه.
يخطىء من يظن أنه بقادر على إبقاء الدولة مشاعا سائبا مسيبا، ويخطىء أكثر ساعة يمعن في أخذ البلد إلى المجهول لمجرد أن استشعر نبت ريش على ذراعيه، وثمة من لا يعلم أن النعامة أعجز من أن تطير وأنَّــــــى لها ترتفع شبرا عن الأرض، برغم ريشها الصالح لحشو المساند والأرائك في قصور الملوك والأمراء وحديثي النعمة، وفي لبنان لا صقور يمكن أن تعلو وتحلق، وإن حلقت من باب الافتراض فيصطادها صيصان السياسة بـ "بارودة دك" أو "إم حبة"، دون الحاج لـ "إم 16 أو 18".
مشكلتنا في لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم أننا محكومون بطواويس السياسة (الطاووس لا يطير)، وكم من حالة طاووسية أخذت البلد إلى مهاوي الفتن والقلاقل والحروب، وإن كنا نعلم أن طواوويس الطوائف، كل الطوائف، يختالون بعظمة موهومة، لكن ذلك لم يأت بما يعزز حضور وهيبة الدولة، في بلد لا يحكم إلا بالتواضع، فلا النقيق يجدي ولا النعيب يأتي بوافر الخير وطيب الغلال، وما نشهده في موضوع حادثة قبرشمون – البساتين، هو بعض تجليات حالات طاووسية لا أكثر، يرافقها من آن لآخر نعيب ونقيق حتى غدا البلد على كف عفريت (لا نعرف إن كان العفريت يطير أم لا)، ولبنان وحده من يدفع الثمن ومعه شعب ارتضى سياسة القطيع ورضي بأن ينحر مثل قرابين على مذابح المصالح.
كنا بأمس الحاجة إلى القضاء ولا نزال، ونقول انه حريّ بنا أن نقدم الزعران للمحاكمة، كل الزعران، كل من شهر سلاحا، كل من تواطأ على الدولة إلى أي فريق انتمى، فدولة القانون تُبنى بالعدل والعدالة، لا بالمسايرة والمناطحة، ولا بتصفية حسابات بمفعول رجعي، وإذا لم نتعظ فمآلنا الضياع وقد صُمّت آذاننا من نقيق، فإلى متى نظل محكومين بطواويس السياسة؟!