#الثائر
هل تتعلم الدول العربية من إيران كيف تساق الأمور وتُدار الخلافات وتُرسم التوازنات؟ وهل تستفيد من النموذج الإيراني الواثق والقادر، حضورا ودورا في حاضرة الصراع الدولي؟ وهل ستتمكن يوما من توظيف الحضور بعيدا من وضع البيض، كل البيض، في سلة الأميركي؟ وتاليا، ألم تدرك هذه الدول إلى الآن أن الولايات المتحدة الأميركية لا تنظر إلا بعين مصالحها ولا ترى في حلفائها إلا أحجار "دومينو" توظفها من على خارطة هذه المصالح؟ وإلى متى تظل الدول العربية خارج الفعل التاريخي برغم ما تملك من مقدرات وثروات؟
لا نعجب إذا ما عدنا إلى الوراء قليلا، كيف تهاوت دول عربية واندحرت أنظمة، ولا كيف تمكنت الولايات المتحدة من تصديع كيانات عربية حتى غدا حضورها ثانويا تستجدي حماية بأكلاف خيالية، فيما إيران تطور قدراتها رغم الحصار، لا بل وتفرض معادلة القوة في مواجهة أعتى دول العالم، وهذا ليس تفصيلا بسيطا حين نعلم كيف رفعت إيران قبل أيام رايتها على السفينة البريطانية المحتجزة، منتزعة العلم البريطاني عنها، في رد واضح وصريح على احتجاز بريطانيا لناقلة نفط إيرانية في جبل طارق.
وفيما بعض الدول العربية تستجدي حربا تخوضها الولايات المتحدة بالإنابة عنها، ولا ترى أي خطر من إسرائيل، فرضت إيران واقعا لم تألفه هذه الدول من قبل، ومنذ أن رفضت طهران الرد على هاتف رئيس الدولة العظمى دونالد ترامب ورفضت رسالته، وهي تتقدم بين حدود الديبلوماسية القوية متحدية الحصار وبين القوة العسكرية القادرة على تدمير المصالح الأميركية، والتعامل من الند إلى الند فيما بعض الخانعين يواجهون اليوم صدماتهم وخيباتهم، في وقت كان بعض المحللين "الاسترايجيين" العرب يؤكدون أن ضرب إيران وشيك، وأن آلاف الغارات ستشن مستهدفة المواقع الحيوية، وبعضهم راح أبعد من ذلك حين اعتبر أن إيران ستمحى عن الخارطة.
الكل اليوم في صدمة، فبريطانيا العظمى لعبت بمياه من نار فأحرقت بعضا من هيبتها، وطلبت الوساطة من سلطنة عمان ولجأت أخيرا للشكوى إلى مجلس الأمن، وهذا قمة الإذلال لدولة كانت في يوم من الأيام إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وما شكل صدمة أكبر إعلان الرئيس الأميركي استعداده للتفاوض مع طهران بلا شروط، حين أوعز لمفاوضه راند بول التدخل ديبلوماسيا والاتصال بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك، في خطوة تفتح صفحة حوار جديدة.
لم يرف جفن لإيران وهي المحاصرة والمطوقة بعقوبات، والعرب مهزومون بلا حرب!