#الثائر
ثمة من يقول همسا أن رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط مرتاح جدا لأداء خصومه السياسيين، ومُـمْـتَـنٌّ كثيرا لهم، وراضٍ أكثر على كل ما يسدونه له من خدمات بالمجان، خصوصا في مَا يتعلق بمحاولاتهم "تسييس الأمن"، وهذا ما بدا واضحا منذ حادثة قبرشمون، لا بل وتأكد لاحقا إصرار البعض على "توظيف الدم" في موضوع إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي ، وهذه سابقة لم يشهد مثلها لبنان لجهة أنه في غياب التفاصيل ومعرفة الحقائق والوقوف على التحقيقات، ويصار إلى المسارعة في تبني خيار استباقي يطعن بحضور ومكانة الدولة وسائر مؤسساتها الأمنية والقضائية.
وحيال ذلك، ثمة من يريد عن أخذ السياسة نحو تصفية حسابات تاريخية، وينسى أو يتناسى بعض خصوم جنبلاط أن من ينبش في قبور الماضي يكون كمن يردم التراب فوق هامته وهو على قيد الحياة، وجاءت التطورات الأخيرة لتؤكد أن بناء توجهات سياسية للحاضر متكئة على زمن مضى يعني أن ثمة من لم يمتثل لمنطق الحياة، ويؤثر اللعب بالنار، ويستسهل المضي في مغامرته غير محسوبة النتائج، في وقت الكل مدعو للتهدئة وعدم سوق الأمور نحو ما يراه يصب في مصلحته، وإلا نكون كمن يسير بثبات نحو مهاوي الفتن.
مشكلة لبنان تظل متمثلة في عجز القوى السياسية أو معظمها، عن ملاقاة الحاضر برؤى تعزز اللحمة بين اللبنانيين ولا تنكأ جراحهم، خصوصا وأن الحروب خلفت مآس لم يكن أحد في منأى عنها أو لم تصبه بشظاياها، واستحضار الوجع يقود إلى التهلكة، فضلا عن أن الكل أيضا سيكون خاسرا، ما يستدعي من الجميع تجاوز سياسة تسجيل النقاط إلى ما يبقي أحلام اللبنانيين قابلة للإزهار.
منذ لحظة وقوع حادثة قبرشمون أكدنا أن الأمور يجب أن تظل محكومة بمنطق الدولة وحضور مؤسساتها الأمنية والقضائية، وانتظار التحقيقات ليبنى على الشيء مقتضاه، وما شهدنا مؤخرا مع تهاوي الرواية التي تبناها رئيس "الحزب الديموقراطي" النائب طلال أرسلان، بالاستناد إلى تحقيقات يجريها فرع المعلومات، وتبين معها أن موكب الوزير صالح الغريب كان المبادر إلى إطلاق النار، يؤكد سقوط نظرية الكمين المدبّر وتاليا سقوط معزوفة الإحالة إلى المجلس العدلي.
لن نسترسل في الحديث عن خلفيات التوظيف، احتراما لدماء هدرت ولمشاعر من فقدوا أحباء وأعزاء، وإذا كان جنبلاط صاحب مقولة "إلى أين"؟ اليوم يصح سؤال النائب أرسلان... إلى أين؟!