#الثائر
كتب حبيب معلوف في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "تلوّث الهواء: المشكلة في الحدّ منه لا في رصده": "الإعلان عن توقف محطات رصد تلوث الهواء لم يكن بالأمر المفجع. كما أن الإعلان عن توقف الاعتمادات المالية للصيانة ــــ وهي بقيمة 500 ألف دولار سنوياً ــــ ليس بالأمر المفزع. فما أهمية أن نرصد معدلات تلوث الهواء، فيما الكل في لبنان "يرى" رائحته ويشمّها؟ اللهم إلا إذا كانت مهمات الوزارات أن تقيس "البيئة" نسب التلوث، وأن تحصي "الصحة" عدد الوفيات جراء المشاكل البيئة... بعدما بات معلوماً أن تلوث الهواء يعدّ القاتل الأول من دون منازع!
منذ إنشاء وزارة البيئة ، بداية التسعينيات، والاستعانة ببعثة ألمانية لرصد تلوث الهواء، عرف القيّمون في الوزارة بعد دراسات مقارنة أجرتها البعثة لأنواع الوقود المستخدمة في القطاعات كافة، ولا سيما النقل وإنتاج الطاقة والزراعة والصناعة، أن مستويات تلوث الهواء في لبنان تتخطى كل المستويات القياسية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية. لاحقاً، أكدت أبحاث أجراها طلاب بعض الجامعات الكبرى في كثير من الشوارع، ولا سيما في العاصمة وضواحيها، واستخدمت فيها أجهزة قياس متنقلة (قبل تركيب أجهزة قياس ثابتة)، أن مستويات تلوث الهواء، وخصوصاً في المدن، خطيرة بكل المقاييس، وأن هناك ما لا يقل عن 60 يوماً في السنة، في مثل هذه الأيام (صيفاً)، ينحبس فيها الهواء وترتفع درجات الحرارة ويصل التلوث الى الذروة، يفترض إعلان حال طوارئ خلالها وتحذير من يعانون أمراضاً صدرية أو ضيق تنفس أو حساسية، من التجول!
لم يكن وجود أجهزة قياس أو عدم وجودها إذاً مسألة جوهرية، رغم كونها مهمة في سلّم الإجراءات العديدة المفترض توافرها لحماية الصحة العامة. فالأهم كان دائماً، بحسب الخبراء الاستراتيجيين، وضع استراتيجية تحدد فيها مصادر التلوث وأنواعها وكيفية ضبطها وتخفيفها عبر تغيير السياسات في القطاعات كافة، مع تحديد أهداف وجداول زمنية محددة والأولويات والمسؤوليات وخطط للطوارئ... الخ وهذا ما لم يحصل يوماً رغم المساعي لإيجاد قانون شامل لمعالجة تلوث الهواء".