#الثائر
بدا واضحا مع التطورات الأخيرة عقب انتخابات الإعادة في مدينة اسطنبول أن تركيا في طور ولوج مرحلة جديدة ستطوي معها مرحلة الإسلام السياسي، في مسار بدأ يتخذ منحى دراماتيكيا مع مَا أفضى إليه من متغيرات تخطت المشهد في إسطنبول، فضلا عن أن هذه الانتخابات التي رفض نتائجها في الدورة الأولى حزب الرئيس رجب طيب أردوغان (العدالة والتنمية) هي بمثابة واحد من بين مؤشرات كثيرة ترصد التراجع، إضافة إلى أن جهود أردوغان لتعديل النتائج في الدورة الثانية شكلت صدمة أكبر، فالمعارضة عززت انتصارها أكثر، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يصف المراقبون والمهتمون بالشأن التركي الانتخابات الأخيرة بـ "زلزال إسطنبول"، فهي أنهت سيطرة الحزب الحاكم على أكبر مدينة في تركيا.
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، فلكل خسارة تداعيات وتجليات مختلفة، وهي وصلت منذ "موقعة إسطنبول" إلى الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس التركي، مع ظهور انشقاقات أصابتها، وجاء "هجوم" أردوغان بكلمات تخلو من الدبلوماسية مستهدفا نائب رئيس الوزراء السابق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم عَلي باباجان، ليؤكد أن الأوضاع في تركيا سائرة في اتجاهات ليست في صالحه، لا سيما وأن خطابه الإنفعالي يأتي حاملا إرهاصات كثيرة وسط توقعات بأن يشهد الاقتصاد التركي تراجعا خطيرا، وهذا يعني أن الرئيس التركي في طور فقدان أحد أهم الأسلحة التي مكنته من التربع على عرش تركيا ردحا من الزمن.
وفي السياق أيضا، بدا أردوغان لدى عودته من زيارة خارجية مربكا وغير مستوعب تماما كيف يتخلى عنه أقرب المقربين، فقد أوردت صحيفة "حرييت" التركية، يوم أمس الأربعاء أن أردوغان اتهم علِي باباجان بـ "التخلي عن القضايا العامة التي لا يجب التخلي عنها"، دون أو يوضح ما هي هذه القضايا، ولم يتردد في القول انه "مكسور الخاطر من داود أوغلو والرئيس التركي السابق عبد الله غل"، مبينا أنه "لا يمكن لرفيق الدرب أن يتخلى عن القضية الأساسية".
كل المؤشرات تؤكد أن أردوغان في طور التراجع، ليس بسبب ما يواجه اليوم من انقسامات وانشقاقات فحسب، وإنما ثمة أزمات تعصف بتركيا من اقتصادها المتداعي إلى ما تواجه من استحقاقات على مستوى سياساتها الإقليمية والدولية، وذلك لا يلغي حقيقة واحدة، بدأ معارضوه ترديدها من الآن، قائلين: "الطيب أردوغان... وداعا"!