#الثائر
ليس ثمة أسهل من تبني نظرية المؤامرة، وهذا ما يحسب لنا كعرب نلقي المسؤولية على الغرب المتآمر وخلفه الماسونية الدولية والصهيونية العالمية، ونحمِّل قوى الإمبريالية مسؤولية ضياع فلسطين وتردي أحوالنا، وهذا ما شهدناه في ستينيات القرن الماضي يوم تمكنت إسرائيل من توسيع حدودها، وبدلا من أن نتعلم من العبر ونستفيد من الدروس لنستعيد حقوقنا المسلوبة، دأَبْنا على تضخيم "المؤامرة الغربية الصهيونية الماسونية"، ومن كان يظن إسرائيل "فزاعة" تبين أنها أوهى من خيط عنكبوت، وتحديدا في لبنان الدولة الصغيرة التي حطمت أسطورة "الميركافا" مفخرة الصناعة العسكرية الإسرائيلية، وهذا يقودنا إلى أن الأنظمة العربية لم تكن في وارد مواجهة إسرائيل ودفعت جيوشها إلى المحرقة وكدنا نسلم بالهزيمة.
ويبدو أن عدوى المؤامرة انتقلت إلى لبنان الرسمي، ولكن بعيدا من الصراع مع إسرائيل، وثمة من رأى أن "مؤسسة الائتمان الدولية" (موديز) متآمرة على لبنان، بعد صدور تقريرها الذي قلل من القدرة الائتمانية والتسديدية للديون وسندات الخزينة واتهامات بحق مسؤولين، قبل إقرار الموازنة للعام 2019.
وبالتأكيد تبني "مؤامرة موديز" يأتي لنتجنب المسؤولية عن تردي واقعنا الاقتصادي، فثمة من يتآمر على اقتصاد لبنان، فيما نحن لا نتحمل أي مسؤولية، فلا ثمة فساد رابض عند تخوم مؤامراتنا الداخلية، ولا نحن نعترف بأننا متخاذلون ونتلهى بكيديات السياسة، وكل فريق لسان حاله "ومن بعدي الطوفان"، المهم أن يسجل نقاطا ولو على حساب استقرار لبنان السياسي والاقتصادي.
وتضمن تقرير "موديز" الكثير من القلق مع ما تضمن مؤشرات نقدية مرتبطة بضعف تدفق الرساميل إلى لبنان، واحتمال لجوء الحكومة إلى إعادة هيكلة تدفعها إلى اعتبار لبنان متخلفاً عن سداد ديونه، خوفا لدى المستثمرين الأجانب، في وقت يتم الحديث فيه عن تخلص بعض المستثمرين من السندات التي يحملونها، الأمر الذي استدعى عقد اجتماع ليل أمس في السراي الكبير، حضره وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وجرى خلاله عرض للأوضاع المالية والنقدية العامة في البلاد.
وفي مَا تم التداول به من معلومات، فقد توقف المجتمعون عند أبرز ما تضمنه التقرير، وما يُمكن أن يقدم عليه لبنان، لجهة مقاضاة شركة "موديز" نظراً لما اوردته في تقريرها قبل نحو يومين، والتعرض لشخصيات لبنانية مع العلم أن الموازنة لم تقر بعد.
هكذا نتنصل من مسؤولياتنا، وكأن تقرير "موديز" جاء غب الطلب، لنحوله مشجبا نعلق عليه "إبداعاتنا" في الفشل، ونتبنى نظرية المؤامرة، وبالتأكيد لا ندافع عن هذا التقرير، لكن لا نار من دخان!