#الثائر
هل تسوء علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري مع المملكة العربية السعودية بعد تأكيده أن "كل لبنان ضد صفقة القرن "؟ هذا السؤال لا بد من أن نجد له إجابة في وقت قريب، على أمل أن تتفهم المملكة أن للبنان خيارات ضد "القرن الأميركي"، فضلا عن أنه بالاستناد إلى تجارب سابقة بدأنا نتخوف من أن يتعرض الرئيس الحريري لمضايقات وحجز حرية، وتاليا، الدخول في أزمة جديدة مع المملكة، ولا نستحضر أزمة مسبقا، لكن في حدود كبيرة ترى السعودية أن ثمة قسما من اللبنانيين يدورون في فلكها.
وإذا ما تتبعنا مواقف بعض القوى السياسية اللبنانية نعلم أن المبالغة في التضامن مع المملكة عقب تعرضها لاعتداءات طاولت منشآتها النفطية كان نافرا، خصوصا وأننا لم نسمع ولو إدانة واحدة في حدود الموقف الإنساني مع ما تتعرض له اليمن، وفي المقابل كان ثمة فريق من اللبنانيين ينظر إلى استهداف السعودية بقليل من الشماتة، فلا هذا مقبول ولا ذاك يصح أيضا.
من هنا، نجد أن لبنان مُشتَّت بين مسارات تبقيه أسير خطابين ومشروعين لا ناقة له فيهما ولا جمل، إلا في مَا هو متصل بالصراع مع إسرائيل، والتنبه إلى صفقة القرن لأنه معني بها، خصوصا وأن ثمة من يعتقد أنه يمكن "شراء" لبنان بما يُرصد له من مال لقاء توطين الفلسطينيين ومنحهم الهوية اللبنانية، فيما بعض القوى الإقليمية تظن واهمة أن لبنان يمكن القبول بصفقة القرن مقابل المساهمة في تسديد قسم من دينه العام.
بالتأكيد مخيلة هؤلاء جنحت إلى حدود رُسمت مسبقا في نطاق تمنياتهم، ما يستدعي الشفقة في ظل مثل هذه التصورات المحكومة بفراغ سياسي وخواء فكري، فلبنان الذي ما فرَّط بحقوقه لن يكون ممتثلا لقرارات مشبوهة، ولبنان العاجز ماليا والمحكوم بأزمات سياسية ويعيش واقعا صعبا يطاول كافة قطاعاته يظل أقوى من أنظمة باعت نفسها للشيطان، وراحت تنظِّر أميركيا لمشروع لا يرى غير مصلحة إسرائيل.
قمة الذل أنه مع تطويب الأميركيين القدس عاصمة أزلية لإسرائيل ومنحهم الجولان المحتل لتل أبيب، نرى بعض العرب منخرطين في مشروع "السلام" المريض، وكأن القدس ملكية بحق إلهي.
ما يهمنا في هذا المجال ألا يكون لموقف الرئيس الحريري من صفقة القرن تبعات تستحضر مرة جديدة خطرا سعوديا، خصوصا وأننا لسنا في وارد الدخول في أزمة جديدة مع المملكة حرصا على العلاقات الأخوية والندِّية.