#الثائر
ما ساقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من "مبررات" بعد خسارة حزبه "العدالة والتنمية" مدينة إسطنبول في الانتخابات المحلية بدت واهية جدا، فمع الخسارة المدوية أمس ثمة معطيات جديدة من المتوقع أن تنعكس على مجمل الواقع السياسي في تركيا.
لم تشفع إعادة الانتخابات لمرشح "العدالة والتنمية" بن علي يلدريم ليحقق فوزا تعثر في الدورة الأولى، وظن أردوغان أن الإعادة تعطيه فرصة لحشد مناصريه لتكون إسطنبول في عهدة حزبه، وهذا مؤشر على بداية الإنحدار وفقدان تفويض الأتراك له بأغلبية ساحقة، فهل نشهد أفول عهد "الأردوغانية" قريبا؟
في قراءة أولية للنتائج، يعيش "حزب العدالة والتنمية" وقع الخسارة وسط حالة من الحزن سادت أوساط المناصرين، وثمة صدمة مردها إلى أن ثمة مقولة شهيرة غالبا ما رددها الأتراك في الاستحقاقات المحلية، وتُـختصر بعبارة تحمل دلالات كثيرة، وهي أن "من يفوز في إسطنبول يفوز بتركيا بأكملها"، وهذه العبارة قالها في أكثر من مناسبة أردوغان نفسه، ومن هنا جاء وقعها أمس مدويا، خصوصا وأن فوز المعارضة وصف بـ "المريح"، فيما وصفت مصادر مقربة من "العدالة والتنمية" الخسارة في بعدها السياسي بـ "النكسة".
إذا ما أخذنا في الاعتبار "سلاح" مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو في مواجهة الحزب الحاكم يمكن أن نتلمس المزاج الشعبي في تركيا، فالشعار الذي أطلقه أوغلو متعهدا بالقتال "من أجل الديموقراطية في صندوق الاقتراع"، لاقى صدى واسعا لدى الأوساط الشعبية في أكبر مدينة تركية، وهذا مؤشر على أن ثمة امتعاضا من جنوح أردوغان نحو تطويع سائر القوى السياسية، ولا سيما بعد حملات الاعتقال الواسعة التي تعرض لها معارضون في أعقاب محاولة الإنقلاب الفاشلة في في 15 حزيران (يوليو) 2016.
وثمة ملاحظة أيضا متعلقة بشخصية أوغلو وعلاقاته المتوازنة مع مختلف الطيف السياسي التركي، بمن فيهم الإسلاميون واليساريون واليمنيون وغيرهم، وثمة توقعات بأن يكون أوغلو مرشحا لرئاسة الجمهورية في انتخابات عام 2023، أخذا في الاعتبار أن رئيس بلدية إسطنبول الجديد يسير على نفس خطى أردوغان الذي انتخب رئيسا لبلدية إسطنبول عام 1994، لكن بأفكار وتوجهات مختلفة.
كما أن خسارة إسطنبول تعني هزيمة للتيار الإسلامي المتشدد، في ظل توقعات تشي بأن فوز المعارضة سينعكس على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية في تركيا، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يؤكد الباحث السياسي إسلام أوزكان بأن هناك تداعيات "كبيرة جدا" ستشهدها البلاد بعد فوز حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول.
كل ذلك يفضي إلى أن البنيان "الأردوغاني" بدأ يتصدع، وسقوطه مسألة وقت، طال أم قصر فالنتيجة واحدة!