#الثائر
جاءت وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي لتؤكد حال الترهل في الأمة العربية، وهذا ما بدا جليا لا لبس فيه، وقد عكسه الإعلام العربي، فالفضائيات في دول عربية معينة لم ترَ في خبر وفاة رئيس سابق عزل بانقلاب عسكري ما يستدعي النشر والمتابعة، وهذا ما انسحب على وسائل إعلامية لبنانية أيضا، أي تلك التي تدور في فلك دول وتتبنى توجهاتها على صفحة بيضاء مذيلة بتوقيع فرقاء سياسيين، وما تبثه وسائل الإعلام هذه هو كما توابع الزلازل "تغذي" المتلقي من "شيك" بلا رصيد وعلى بياض، أما الفضائيات "الإخوانية" فحدث ولا حرج، شتائم وانفعال وغوغائية تشحن الغرائز والنفوس.
لن نتحدث أو ننساق إلى ما طالعتنا به مصادر مقربة من الرئيس المعزول ولا من أولئك الذين يعادونه، خصوصا وأن ثمة من "أكد" أن مرسي اغتيل، وإن بدا ذلك قابلا للتصديق من واقع ظروف الاعتقال على مدى ست سنوات، ما دفع منظمة "كوميتي فور جستس" المصرية الحقوقية إلى المطالبة بإجراء تحقيق دولي في ملابسات الوفاة، وكشف مديرها التنفيذي أحمد مفرح عن بعض تفاصيل الدقائق الأخيرة في حياة مرسي، مشككا في بيان النيابة العامة حول وفاته"، لافتا إلى أن النيابة العامة طرف أساسي في عدم تمكينه من العلاج داخل السجن، وبالتالي ليست طرفا محايدا فيما يتعلق بملابسات وفاته.
ما يهم في هذه اللحظة مستقبل مصر، فالحماسة والشجاعة لا يكفيان لانتصار أي ثورة، ولا نستغرب كيف "طارت" أحلام المصريين بين الإنتخاب والإنقلاب، إنتخاب رئيس "إخواني" وانقلاب عسكري أطاح بأي أمل في تكريس الحرية والديموقراطية، وطالما ثمة سجناء رأي في مصر فذلك يعني أن شيئا لم يتغير في الجوهر بين حكم مبارك وحكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السياسي.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن "ثورة يناير" صودرت في أوج الإنتصار أي قبيل إزاحة الرئيس محمد حسني مبارك، يومها لم يكن للشباب المصري خارطة طريق واضحة، ما أفضى إلى سرقة دماء الشهداء قبل أن يلتحق "الإخوان المسلمون" في الثورة، ولو أن سائر قوى المعارضة توحدت على خطاب واحد لتمكنت من إقصاء "الإخوان المسلمين" وبقايا الحكم السابق، وكلنا يذكر كيف كان المصريون أمام خيارين، الإخوان أو أحمد شفيق وهو يمثل امتدادا لحقبة مبارك.
اليوم ما يزال المشهد محكوما بأزمة سياسية قد تضع مستقبل مصر في المجهول، وهي نتاج ما ضاع بين الإنتخاب والانقلاب، ما يؤسس لـ "ثورة يناير" جديدة، يفترض أن يكون المصريون قد استفادوا من الثورة التي سبق وضاعت!