#الثائر
– أنور عقل ضو
لن يكون تعرض ناقلتي نفط يوم أمس الخميس لهجمات في خليج عمان ، إلا مقدمة لتوترات دائمة في مَا يعرف باللعب على الحافة، وقد تشهد منطقة الخليج فصولا أكثر دراماتيكية طالما أنْ لا آفاق لبلورة تفاهمات بعيدا من سلاح الضغط الأميركي على إيران، أي أن عنصر التوتير ما يزال قائما، يضاف إلى ذلك الحرب المستعرة على اليمن وما تتعرض له قطر من حصار بكل تبعاته السياسية والإقتصادية والإعلامية، وجميعها عوامل تبقي شبح حرب ماثلا، وإن كان ليس ثمة من يريدها، لا الولايات المتحدة الأميركية ولا الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لكن بعيدا منهما تمثل الحرب "مطلبا" لأكثر من دولة، وفي مقدمها إسرائيل، وتاليا بعض الدول العربية الحالمة بشطب إيران من معادلة الصراع في الشرق الأوسط، إضافة إلى بعض "صقور" أميركا، وهنا يبرز إلى الواجهة دائما مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون، ويبقى السؤال متمثلا في مَا إذا كان التصعيد الأخير يمثل تطورا تمهيديا لحرب أوسع؟!
ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للصحفيين من أن حكومة الولايات المتحدة خلصت إلى تقييم هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسؤولة عن الهجمات التي وقعت في خليج عمان اليوم (أمس)، دون تقديم أدلة تدعم موقف بلاده، قد يكون مؤشرا يستدل منه إلى جملة أمور، ومنها ما يطرح تصورا حيال موقف الولايات المتحدة الرسمي من التطورات الأخيرة، ما يقود أيضا إلى سؤال، هل تتخلى أميركا على قفازات الحرير في مواجهة إيران أبعد من سلاح الحصار الاقتصادي؟
إلى الآن ما تزال الصورة ضبابية، فضلا عن أن المزاج الأميركي العام لا يؤيد حربا واسعة، إضافة إلى أن كلفة الحرب أكبر من أن تتحمل تبعاتها الولايات المتحدة، إلا أن الخطير في هذا المجال أن يتحول التصعيد الأخير جزءا من تحضيرات تُراكمُ معها أميركا رأيا عاما داخليا والتمهيد توازيا لخلق تحالف دولي في مواجهة إيران بأكثر مما هو قائم الآن، لكن تظل الهواجس أكبر في حرب لا يمكن تشبيهها بالحروب الأميركية السابقة، فإيران ليست أفغانستان ولا العراق.
تعلم الولايات المتحدة أن قوة إيران لا تكمن في مَا تملك من مقدرات عسكرية قادرة من خلالها على ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، وإنما في الموقع الجغرافي وهذا ما تدركه إيران أيضا، وهنا ثمة خياران، إما عقلنة الصراع ونزع فتيل الحرب من خلال رفع الحصار عن إيران والتمهيد لتسوية في اليمن ومثل هذا الأمر لم تنضج ظروفه بعد، وإما الحرب، وما تمثل من خيار بعيد أيضا.
كل ذلك يفضي إلى أن أميركا في مأزق، فلا هي قادرة على الحرب من موقع حماية مصالحها وطمأنة حلفائها، ولا هي قادرة على ترسيخ السلم وما يمثل من هزيمة لسياستها في المنطقة، حيال كل ذلك قد يتحول اللعب على الحافة يشبه إلى حد بعيد "الروليت الروسية"!