#الثائر
– أنور عقل ضو
إذا كان القيمون على مشروع "مصنع إسمنت الأرز" في أعالي ضهر البيدر التابعة عقاريا لبلدة عين دارة (قضاء عاليه) متمسكين بمنطوق قرار مجلس شورى الدولة، وإذا كان هؤلاء مع حلفائهم ما زالوا يتحصنون بالقضاء، فذلك يستدعي وقفة تأمل بعد الكلام الذي صدر أمس عن رئيس الحكومة سعد الحريري، وفي موضوع القضاء تحديدا، الأمر الذي يتطلب مراجعة قانونية ومناقبية أيضا لكل ما صدر عن السلطة الثالثة، خصوصا وأن الحريري قال كلاما صريحا ردا على سؤال، فأكد جازما: "نعم هناك تدخل في القضاء، يجب ألا يغطي أحد الخطأ".
لا نقصد هنا قرار مجلس شورى الدولة بقدر ما يهمنا آلية "تركيب" وتسويغ الخطأ بادعاءات قلَـــَبت الحقائق رأسا على عقب، أي أن مجلس الشورى استند إلى "بينات" فيها الكثير من ادعاءات تجافي الحقيقة، وكي لا تأخذنا المواقف إلى ما يؤكد ترهل الدولة، وتورط بعض أركانها في مكان ما، نكتفي بالقول إن ثمة من مرّر الفضيحة وتغاضى عن الفعل الجرمي بحق بيئة لبنان، سابقا في موضوع المقالع و الكسارات وراهنا مع هذا الملف يضاف إليه مصنع إسمنت يُراد له أن يُفرِّخَ أرزا، وهو بالكاد سيُنبِتُ طحالب ومن النوع السام أيضا، وإن كنا موقنين أن أي منشأة صناعية في أعالي ضهر البيدر ستعدم الحياة فيها، بخلاف ما يدعي المغردون في سرب الفوضى، إذ أكدوا أنْ لا غطاء نباتيا في المنطقة، وهذا صحيح بالنسبة إلى مواقع الكسارات قديمها والجديد فقط، ولمن لا يعلم فإن هذه المنطقة كانت تعتبر من أهم المناطق الزراعية، وتعرف أيضا بـ "أرض العكوب"، إلا إذا كان ثمة من يعتبر أن "العكوب" لا ينتمي إلى الفصيلة النباتية.
لا نفشي سرا بأن ثمة لعابا كثيرا سال حين دبر هذا المشروع بليل، وجميعا واكب مواجهات وعراضات استهدفت عمال وموظفي بلدية عين دارة، ولم توفر أيضا موظفي وزارة البيئة ولا المواطنين الذين مورست عليهم ضغوط كبيرة، حتى أن بعض الناشطين تعرضوا للضرب بينهم عضو مجلس بلدي، فضلا عن أن القضاء كان سريعا في استدعاء من وقفوا في وجه المشروع قبل أكثر من سنة ونصف السنة، في مَا بدا وقتها بعض مهزلة، جاء تفسيرها واضحا أمس من قبل رئيس السلطة التنفيذية سعد الحريري.
لا يسعنا في هذه العجالة إلا أن نستصرخ ضمير فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليقول الكلمة الفصل في هذا المجال، من أجل إعادة دراسة كل حيثيات هذا الملف وإحالته إلى مجلس الوزراء، مع ما اعتروه من مغالطات قانونية وفنية قاربت الفضيحة، وإلا فسنقول، إن دولة يهزمها مصنع إسمنت أنى لها أن تمشي وتسلك طريقها بعيدا من مغارة علي بابا والمليون حرامي!