#الثائر
أحيت قوى الأمن الداخلي الذكرى ال158 لتأسيسها، في احتفال رمزي أقيم قبل ظهر اليوم، في باحة ثكنة المقر العام في الأشرفية، برعاية وزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريا حفار الحسن ، وحضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وقادة الوحدات وعدد من كبار الضباط.
وبعد أن وضعت الحسن وعثمان إكليلين على النصب التذكاري للشهداء، عزفت موسيقى قوى الأمن معزوفة الموتى، ليبدأ بعد ذلك الاحتفال بالنشيد الوطني ونشيد قوى الامن الداخلي. ثم ألقى عريف الاحتفال، رئيس شعبة العلاقات العامة العقيد جوزيف مسلم كلمة رحب فيها بالحضور.
وكانت كلمة لعثمان قال فيها: "مئة وثمانية وخمسون عاما مضى من عمر قوى الأمن الداخلي، وهي لا تزال العنوان الأبرز لحفظ الأمن وإحقاق الحق، هذه المؤسسة التي لم تبخل يوما بتقديم أغلى ما لديها في سبيل حماية الاستقرار ومكافحة الجريمة والإرهاب المنظم . اليوم نحتفل بعيدكم، عيد قوى الامن الداخلي، بعد أسبوع من محاولة الإرهاب مجددا ضرب الاستقرار الأمني، وتوجيه رسالة فتنة عشية عيد الفطر من طرابلس لكل لبنان، فكنتم له بالمرصاد وكنتم على قدر المسؤولية كما عهدناكم وكانت دماء زملائكم قربانا جديدا على مذبح الوطن. هذا قدرنا وواجبنا أن نروي أرزنا بدمائنا لنحفظ الأمن والسلام".
أضاف: "هناك على أرض الفيحاء امتزجت من جديد دماء شهداء الجيش وقوي الأمن الداخلي كما امتزجت سابقا في بيروت والبقاع والجبل والجنوب دفاعا عن لبنان، لتتحول شهادتكم أعراسا على مساحة كل الوطن. قيل الكثير الكثير عن الشهادة وهي أسمى أنواع العطاء، وإن عجزت الكلمات عن وصفها، ومن يضحي بحياته ليعيش الآخرون بأمن واستقرار وحرية، يرتفع قدره نحو القداسة والخلود. وهنا يستحضرني قول جبران خليل جبران "ماتوا فباتوا أخلد الأحياء".
وتابع: "نعم، اليوم نحتفل بعيد قوى الأمن الداخلي ال158، والعام المقبل نحتفل بمئوية ولادة لبناننا الكبير، ونحن عن لبنان لا نكبر. تاريخنا فخر، عراقتنا شرف، مؤسستنا كانت المدماك الأساسي في بناء الدولة، فهي لم تكن باكورة المؤسسات من محض الصدفة إلا لأن الأمن هو الأساس في كل مجتمع ودولة. مؤسستنا هي المؤتمنة بموجب القانون على حياة الناس وعلى أمن ممتلكاتهم وتنقلاتهم، والمعنية الأولى بأمنهم الاجتماعي والاقتصادي والقومي، وهي الساهرة على مكافحة كل ما يمكن أن يطال المجتمع من آفات. التاريخ أمانة كبيرة بين أيدينا ويحتم علينا المقارنة والمقاربة بين الماضي والحاضر".
وقال: "سجلنا أصبح حافلا بالإنجازات الكبيرة على مستوى الوطن وبات العالم يشهد لنا. بذلنا الدماء لتبقى دولة المؤسسات، ونبذل كل ما بوسعنا لتكون قوى الأمن الداخلي في الصدارة دائما في آدائها، ونعمل جاهدين على تحديثها وتطويرها باستمرار لتماشي التطور التي هي عليه المؤسسات الأمنية المتقدمة في العالم. استطعنا أن نكون محط ثقة دولية ومحلية مما حدا بالدول الصديقة أن تقوم مشكورة بمساعدتنا للمضي قدما بتطوير أداء المؤسسة وتجهيزاتها وتنفيذ جزء من خطتنا الاستراتيجية المرسومة. مفهوم الأمن بات مختلفا عن السابق، ولهذا نقوم بتحويل قوى الأمن الداخلي الى شرطة مجتمعية مبنية على شراكة فعالة مع كل فئات المجتمع لنجعل كلا منهم جزءا من منظومة الأمن والأمان. شراكة تصب في خدمة المجتمع ومساعدته على الوقاية من انتشار الجريمة، لا بل خفض معدلها والحد منها إلى أقصى الحدود. شراكة تكون في مواجهة الآفات التي يمكن أن تضرب الشباب والمجتمع وفي مواجهة الجرائم المنظمة وشبكات الإرهاب. شراكة تهدف الى التكامل لا إلى التناحر، تتصدي بحزم وتلفظ خارجها كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن أو الخروج على القانون".
أضاف: " يا رجال قوى الأمن الداخلي، مهما حاول العابثون خفت وهج إنجازاتكم، وسعيهم الدائم إلى محاربة مؤسستكم على صعد مختلفة وبشكل ممنهج، سنبقى فخورين بما حققناه ونحققه على كل المستويات من اكتشاف الجرائم ومنع حدوث أعمال إرهابية وتوقيف الضالعين فيها وبأوقات قياسية ودقة واحترافية عالية. سنبقى فخورين بأننا أول من أطلق شرارة مكافحة الفساد ابتداء من تطهير مؤسستنا وصولا إلى كشف الفاسدين في مختلف المؤسسات، فنحن نقوم بتحقيقاتنا بكل شفافية وتحت إشراف القضاء المختص واستنادا إلى أدلة دامغة، والتاريخ سيحكم وسينصف من حافظ على البلد ومؤسسات الدولة، وسينبذ من كان همه قضم المؤسسات ومقدراتها لحساب مصالحه الضيقة والمشبوهة. سنبقى فخورين بكل ما نقوم به وضميرنا مرتاح، ونحن حريصون على إعادة ثقة المواطنين والعالم بالدولة ومؤسساتها. سنبقى فخورين بمواقفنا المنطقية والصلبة التي اتخذناها في أصعب الظروف وباتت تهدد مصالح أولئك المغرضين الذين اعتادوا تجاوز القوانين والأعراف والأصول".
وتابع عثمان: "يا رجال الأمن، أنتم حراس الأمس وحماة اليوم وضمانة المستقبل. أنتم شرطي السير الذي أبقى إشارة الوطن والدولة مضاءة بالأخضر. أنتم الضابطة العدلية تبحثون عن الجرائم وتلاحقون المشتبه بهم في ارتكابها حتى القبض عليهم وتنفيذ العدالة بحقهم. أنتم الضابطة الإدارية غايتكم إحقاق الحق وتطبيق القانون وحفظ الأمن والنظام وتأمين السلامة لجميع الناس. أيها الرجال، إرفعوا رؤوسكم، كونوا في آدائكم كبياض الثلج الناصع على القمم، شامخين كأرز لبنان بوجه العواصف كونوا بصلابة الصخور بمواقفكم المحقة، فقد مرت علينا عواصف أمواجها كانت دائما تنكسر أمام صلابة مواقفنا ووضوحها. إرفعوا رؤوسكم بإنتمائكم لقوى الأمن الداخلي التي لم يتردد قادتكم ورفاقكم في السلاح ببذل دمائهم في سبيل الواجب. إرفعوا رؤوسكم بأننا بدأنا بمحاسبة أنفسنا قبل الغير وهذا يحسب لنا لا علينا، فمن بدأ بمحاسبة نفسه أولا لا يخشى أي حساب. ومن كرس نفسه لخدمة القانون وحماية الدولة والمواطنين، لن يتزعزع إيمانه بنبل مسؤوليته جراء بعض الوشوشات السوداء. إرفعوا رؤوسكم، أنتم الذين تعملون بصمت بعيدا من الاستعراضات، تطبقون القانون وتحمون الحريات وتحاربون الإرهاب والفساد".
وقال: "فيا رجال الأمن، وأعني بها جميع الضباط والعناصر ذكورا وإناثا لأن الرجال مواقف وليست جنسا بشريا، لبنان يفتخر بكم وأنا أفتخر بكل ضابط ورتيب وفرد نظيف الكف، يعمل دون كلل لتبقى قوى الأمن الداخلي على قدر الرسالة التي وجدت من أجلها. وإني أضع ثقتي المطلقة بكم، فكونوا أهلا للثقة وليكن إيمانكم بأن خدمة الوطن هي واجب مقدس، وأطمئنكم بأن قوى الأمن الداخلي كما كانت دائما في خندق واحد مع الجيش في مواجهة الإرهاب وأعداء الوطن، سنبقى نحن وقيادة الجيش حريصون كل الحرص على حقوقكم المعنوية والمادية المكتسبة بموجب القانون ولن نتهاون بها أبدا، ولن نزايد على كلام العماد قائد الجيش في هذا المجال ولا سيما أن المصير المالي لعناصر قوى الامن الداخلي مرتبط بمصير عناصر الجيش بموجب القانون، وستبقى حقوقكم مقدسة، فمن يضع دمه على كفه دائما ليبقى لبنان، من حقه أن يحيا حياة كريمة هو وعائلته".
أضاف: "أما للمواطنين، وهم شركاؤنا، فأقول لهم: إن مفهوم كلمة المواطنة ومعناها كبير جدا بقواميس العالم، فهي تعني حب الوطن والحفاظ عليه والتضحية والعمل من أجله، بينما يفهم البعض في بلدنا هذه الكلمة بطريقة خاطئة وكل من وجهة نظره. المواطنة ليست وجهة نظر إنما هي ثقافة يتنشأ عليها الفرد في كل مجتمع لا بل يتلقفها منذ نعومة أظافره، ومنهم من يعتقد أن المواطنة هي شعور يتناسب مع موقعه أو تموضعه، وللأسف لدينا مشكلة كبيرة في هذا المجال أي في أدائنا وممارستنا للمواطنة، فمعظم الناس باتوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لكيل الشتائم والسباب والافتراءات والقدح والذم بعضهم ببعض. إن وسائل التواصل الاجتماعي تفسر نفسها بنفسها وهي وجدت للتثقيف وتبادل المعلومات العلمية والاجتماعية المفيدة. صحيح أن هذه الوسائل في مكان ما، هي للتعبير عن الآراء لكن ضمن حدود الأدب والأخلاق والقوانين، ولا يمكن لأولئك الشتامين أن يدعوا جهلهم للقانون وبأن هناك جرائم ترتكب من قبلهم في الشتم والقدح والذم والتشهير والافتراء ودعم الباطل بمواجهة الحق".
وتابع: "نحن نعم قلنا أن ذلك العمل الإرهابي الأخير مرتكبه بالتأكيد يعاني من عدم استقرار نفسي وعنينا بذلك يقيننا بأن كل من يفكر مجرد تفكير بالقيام بأي عمل إرهابي يهدف إلى القتل والتدمير والتخريب هو كائن مريض عقلي ونفسي وعصبي ولا نستطيع أن نقول عنه إنسان حتى، لأنه متجرد من كل صفات الإنسانية، وقصدنا بذلك أنه لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يقدم على ارتكاب أي فعل من شأنه أذية الناس".
وقال: "قبل الختام، نتوجه بالتحية لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكل من دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري ولكم معالي الوزيرة ريا الحسن، على دعم قوى الأمن الداخلي والوقوف دائما إلى جانبها، جانب الحق، لتتمكن من إكمال مسيرتها المؤسساتية، وإنجاز المهام الموكولة إليها على أكمل وجه. وكما الاستقرار السياسي مرتبط بالاستقرار الأمني، أيضا لا استقرار أمنيا دون استقرار سياسي ورعاية السلطة السياسية لمؤسسات الدولة، على رأسها المؤسسات الأمنية والعسكرية".
وختم عثمان: "في الختام، للجميع أقول إننا لا ولن نتردد ببذل دمائنا ليحيا الوطن، ودمنا يرخص من أجل بقائه. من هنا نطلق حملة تبرع بالدم لصالح بنك الدم في الصليب الأحمر اللبناني، أبدأ بها بنفسي لتبقى دماؤنا سببا في إنقاذ حياة الآخرين دائما. وبعد نهاية الاحتفال أدعو كل من يرغب بالتبرع المبادرة بذلك مع التقدير له. عشتم، عاشت قوى الأمن الداخلي، عاش لبنان".
الحسن
وألقت وزيرة الداخلية كلمة مقتضبة قالت فيها: "كان يفترض أن نطفىء اليوم 158 شمعة احتفالا بعيد قوى الأمن الداخلي، لكننا، بدلا من ذلك، نضيء شمعتين، إجلالا لشهيدين غاليين قدمتهما هذه المؤسسة قبل أيام، وسقط معهما شهيدان من الجيش. هذان الشهيدان الجديدان لقوى الأمن الداخلي، يذكيان الشعلة التي أضاءتها قبلهما قافلة طويلة من الشهداء، بذلوا أرواحهم فداء للوطن، حفاظا على أمنه واستقراره، ودفاعا عن أهله. شاء أحد خريجي مدرسة التطرف والحقد والإرهاب، أن يحرم الطرابلسيين واللبنانيين جميعا، فرحة عيد الفطر، فنفذ جريمة بشعة امتزجت فيها دماء قوى الأمن الداخلي بدماء الجيش. وما يجمعه الدم لا تفرقه السياسة، ولا المزايدات".
أضافت: "الجريمة البشعة التي شهدتها طرابلس، من صنع فلول الإرهاب الذي نجح لبنان في مواجهته. ونجاح لبنان في القضاء على الإرهاب وفي منعه من تحقيق مخططاته ومآربه، وما حققته الأجهزة الأمنية كلها ومنها قوى الأمن الداخلي والامن العام والجيش وباقي الاجهزة، بفضل الإنجازات والضربات الاستباقية، يعود في جزء كبير منه إلى أن المجتمع اللبناني، بكل مكوناته، يلفظ هذه الظاهرة، ولا يوفر لها أي بيئة حاضنة، إضافة طبعا إلى كفاءة العاملين في هذه الأجهزة، وما تم توفيره لها من إمكانات وتقنيات تساهم في زيادة فاعليتها. والأهم هو الدعم الذي وفرته ولا تزال، السلطة السياسية بدءا من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس النواب فرئيس الحكومة الذي ما انفك يوما في إظهار دعم كل ما من شأنه تطوير عمل هذه المؤسسة".
وتابعت: "أيها الأعزاء، إن ذوي البزات الرمادية، أثبتوا أن قوى الأمن الداخلي، ليست رمادية في سهرها على أمن الوطن والمواطنين، بل هي متطرفة في القضاء على الإرهاب الأسود. انها قوة ضاربة لحفظ الامن وهي صمام أمان، تتعاون مع المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية الأخرى، لصون استقرار البلد وأمن ناسه، ولا تتنافس معها إلا على خدمة الوطن والتفاني في سبيله. ورغم الضائقة المالية التي يعانيها لبنان، أؤكد لكم أننا ماضون في الإصلاحات وعملية التطوير في قوى الأمن الداخلي، وأنا لن آلو جهدا لدعم تطبيق استراتيجية 2018 -2022 التي وضعتموها، ومن خلالها سنحقق نقلة نوعية لهذه المؤسسة، من أبرز وجوهها أنسنة عملها، ولا سيما لجهة تنفيذ النشاطات المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة الى حفظ النظام في المجتمع وبناء ثقة وشراكة متينة مع المواطن".
وختمت الحسن: "أهنئكم مجددا بعيدكم ال158، ولو كان طعمه مرا هذه السنة. لكن مشاعر الحزن على شهدائنا الأبطال، تمتزج مع مشاعر الفخر بتضحياتنا، لكي يكون كل يوم عيدا، ويبقى الفرح سمة بلدنا الحبيب. كل عام وأنتم درع المواطن وحماة القانون".
بعد ذلك، توجهت الحسن وعثمان إلى خيمة للصليب الأحمر نصبت في باحة الثكنة، وافتتحا حملة التبرع بالدم التي كان أطلقها عثمان خلال إلقاء كلمته تحت شعار "دمنا عحسابك"، ليتبعهما فيما بعد الضباط والعناصر.
وبعد الانتهاء من التبرع بالدم، انتقلت الحسن إلى مكتب عثمان حيث اجتمعت بقادة الوحدات.
وطنية -