#الثائر
مع تسارع التطورات في المنطقة يتبدى سؤال لا بد من أن نملك إجابة واضحة عنه، الآن أو في مدى الأيام المقبلة، كي لا نكون في دائرة الاستهداف إقليميا، وكي لا نشهد إرباكا داخليا، وهذا السؤال يلِحُّ في هذه اللحظة، خصوصا بعد مشاركة رئيس الوزراء سعد الحريري في قمة مكة المكرمة، والسؤال على بساطته يحمل هواجس كبيرة، فهل حدد لبنان رؤية استراتيجية واضحة لمواجهة " صفقة القرن "؟
لا نقصد من هذا السؤال المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وإنما مواجهة النتائج والتداعيات، وهذا أقل المطلوب في وقت تشهد فيه المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما بعض تصدع ينبىء بانهيار دول، لكن دون أوهام بأن هذه الصفقة ستمر، فالظروف تبدلت في مقارنة مع ظروف كانت أكثر وأشد تعقيدا وتميل لصالح الولايات المتحدة.
أكثر ما يستجلب الخوف لبنانيا أن يكون ثمة من يراهن على تبدل في موازين القوى لصالح هيمنة إسرائيلية وتراجع الدور الإيراني، لأن الرهان الخاطىء يجلب للبنان ويلات وكوارث هو في غنى عنها، وهذا ما حذرنا منه في مقالة سابقة، قبل ساعات من إلقاء الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله كلمته في مناسبة "يوم القدس العالمي"، والذي قال كلاما صريحا في هذا المجال حين أكد أن "مواجهة هذه الصفقة (صفقة القرن) هو واجب شرعي وديني وسياسي واخلاقي وانساني، لأنها صفقة الباطل وتضييع الحقوق العربية والاسلامية والمقدسات"، صحيح أننا نختلف في التوصيف مع السيد نصر الله، لأننا نعتبر المواجهة واجب وطني، بمعنى إبعادها عن الحيز الديني، ما يكسبها بعدا أكبر، أبعد من حدود المقدس والإلهي.
وقد أطل نصر الله على إشكالية وطنية حين انتقد موقف الوفد اللبناني في القمة في مكة المكرمة، معتبرا أنه مخالف للبيان الوزراي ولسياسة النأي بالنفس، ومستنكرا هذا الموقف وانه لا يمثل لبنان، لافتا إلى أنه يمثل التيار السياسي الذي يمثله رئيس الحكومة، وهذا صحيح وإن كان "حزب الله" لم يتبنَّ النأي بالنفس في أكثر من محطة، لكننا قلنا كلاما أكبر حين سألنا عن جدوى مشاركة لبنان في القمة.
ولأننا نمر في ظروف دقيقة نعود إلى طرح السؤال مجددا، هل حدد لبنان رؤية استراتيجية واضحة وموقفا صريحا لمواجهة "صفقة القرن"؟ هذا السؤال يتطلب مقاربة وطنية تأخذ في الاعتبار أن لبنان غير قادر على أن يكون جزءا من صفقة.