#الثائر
كما سبق وذكرنا في مرات سابقة، وكما كنا قد توقعنا، يمكن القول أنّ الموازنة حققت ما كان يرتجى منها، أي ما له علاقة بمؤتمر " سيدر "، وبما يرضي رعاته، وقلنا أيضا أن الموازنة "على القياس" وإنجازها محكوم بهدف، حتى وإن تزينت بإصلاحات لن تأتي، وباقتصاد سيظل يئن ويعاني، خصوصا وأننا لم نتلمس الجدية المطلوبة إزاء الكثير من القضايا، فضلا عن أن ما طفا على سطح الأزمة السياسية ينبىء بصراع بين أهل البيت الواحد، وما عاد خافيا على أحد أن منصب الرئاسة الأولى بات في مرمى أكثر من جهة، وهذا ما يفسر بعض المواقف الأخيرة.
لن نستفيض أكثر في هذا المجال، فالظرف دقيق والمطلوب لملمة الخلافات لا تسعيرها، ولا نشرها على حبل المواقف المتوترة، ونرى أن ما يجب أن يكون الآن يتمثل في أن نرى الجميع متراصين إلى كتف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولديه ما يكفي من مسؤوليات ومهام، ولا يجوز إشغاله بما يؤرق، ولا سيما من خاصرة نزاعات الأكثر قربا وتقربا منه.
لا شيء يظل مستورا في لبنان، وما انتشر من أحاديث وما بات يهمس به في المجالس الخاصة، يشي بأن الأمور تنحو نحو تعطيل الدولة ومصادرتها بالخلافات، وكأن ما نواجه اليوم لا يستدعي من الجميع وقفة تأمل، خصوا وأن التحركات الشعبية وصلت الى الذروة بعدَ أن قرر العسكريون المُقاعدون المعتصمون في ساحة رياض الصلح "اقتحام" السراي الحكومي، ما وضعهم في مواجهة مباشرة مع زملائهم العسكريين الحاليين، وهذا ليس تفصيلا صغيرا في أزمة أكبر من مشروع موازنة، يضاف إلى ذلك، أن في مشروع الموازنة ما لا يطمئن أيضا، بعد ظهور خلاف علني بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل.
وكل شيء لا يبشر باستقرار سياسي، فالوزير باسيل أشار عقب جلسة مجلس الوزراء التي أرادتها غالبية المكونات أن تكون ما قبلَ الأخيرة إلى أن "النقاش لا يزال يحتاج إلى عدّة جلسات"، بعد أيام على تكراره القول إنه يسعى إلى وضع رؤية اقتصادية للموازنة.
ومن ثم كان ثمة أكثر من موقف، فبعض الوزراء الذين اعتبروا أن أفكار باسيل لا أبعاد إقتصادية لها، بل هي مجرد أفكار تهدف الى زيادة الجباية، مثلها مثل أي اقتراحات أخرى، وهو ما دفع خليل إلى التصريح بعدَ انتهاء الجلسة بأنه "كان بالإمكان أن ننجز الموازنة اليوم، والكلام عن جلسات إضافية يتجاوز المنطق الذي أدرنا به جلسات النقاش".
وفي نظرة سريعة إلى تفاصيل الموازنة وأجواء جلساتها وما بدأنا نشهد من تطورات سياسية، لا بد من التهدئة، خصوصا بعدما أصبح لبنان على كف موازنة!