#الثائر
اجتاحت بعض وسائل الإعلام العربية ومواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين موجة هستيرية من ردود الفعل على ما تعرضت له المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من عدوان، تؤكد نشوب حرب عالمية ثالثة، غرد مغردون، كتب مدونون، كثرت التحليلات والاستنتاجات وجميعها على موجة واحدة، عنوانها الحرب على إيران وقرب نهاية "نظام الملالي"، وطغى خطاب الكراهية وبالكاد سمعنا أصواتا رأى أصحابها أبعد من حدود الشحن المذهبي على خلفية الصراع السني – الشيعي، هذا الصراع الذي يعتبر أثمن هدية تقدم للولايات المتحدة الأميركية وإلى إسرائيل ذراعها العسكرية في المنطقة.
إلى الآن لم نرق إلى مستوى ما يتهددنا من أخطار أبعد من حدود ما زرع فينا من عصبيات وأحقاد، خصوصا وأن ثمة من يظن أن الله سخَّر الولايات المتحدة لتقاتل في سبيل "العروبة" كما تراها الأنظمة، وقد واكب "الثائر" الأحداث والتطورات الأخيرة، وأكد أن ليس ثمة حرب عسكرية، وأن الولايات المتحدة لن تغامر خوفا على مصالحها في المنطقة، وهي لا تلقي بالا لما غرد به المغردون، ففي السياسة تغلب المصالح، ولم تكن الولايات المتحدة يوما نصيرة للشعوب العربية، هي داعمة للأنظمة بما يخدم مصالحها ويبقي النفط وإمداداته بعيدا من أي استهداف.
قد يظن البعض أننا نتبنى وجهة نظر إيران، لكننا نقول أنّ على الدول العربية وطهران أن يعملا على تحصين السلم في المنطقة، وحل نزاعاتهما بعيدا من الحروب والمواجهات، لأنها لن تفضي إلا لمزيد من الخسائر، وسيكون الجميع خاسرين، ونعلم أن مثل هذا الأمر بات اليوم من سابع المستحيلات، لكننا نتحدث عن توجه عام، كي لا نحسب كمنصة إعلامية على فريق، فيما نحن نتقصد تحصين المنطقة العربية في مواجهة الاستهدافات الإسرائيلية والأميركية.
ولمن راهن على نشوب حرب أميركية ضد طهران، نقول أن ما استشرفناه منذ اللحظة الأولى تحقق من خلال السير نحو التهدئة بعد الخطاب الإنفعالي والتصعيدي في مواقف المسؤولين الأميركيين، وقد كشفت معلومات رسمية صادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، عن اتصال أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السويسري الذي تتولى حكومته رعاية المصالح الأميركية في إيران عبر سفارتها في طهران، والاتصال محوره التهدئة مع إيران وإيصال رسالة رسمية بهذا المضمون، الذي نقلته الصحف الأميركية على لسان ترامب تحت عنوان لا نريد حرباً مع إيران في إطار كشفها لمضمون المحادثات التي أجراها ترامب مع قيادات عسكرية في وزارة الدفاع الأميركية.
وسط كل ذلك، جاء موقف طهران واضحا بألا حوار مع واشنطن، وهذا ما أكده وزير الخارجية محمد جواد ظريف، فيما اعتبر قائد الحرس الثوري حسين سلامي أن الحرس جاهز لتلقين العدو الأميركي الصهيوني درساً تاريخياً لن ينساه، وهذا خيط اللعبة المحكومة بالمصالح ويبدي الجميع حرصا على ألا ينقطع.
السياسة ليست ضربا من التنجيم، أو تخيلات لا تصرف في مدى الواقع واللحظة السياسيين، هي قراءة واستقراء لهذا الواقع، والسياسة هي بحث بين سطور المواقف، غير أن بعض المغردين والمدونين يؤثرون التبصير والتنجيم، ومن هنا نقول: "كذب المغردون ولو صدقوا"!