#الثائر
خاص – "الثائر"
يبقى عضو تكتل " لبنان القوي " النائب جورج عطالله محلقا في فضاء قناعاته لا يساوم على سطر واحد في مَا جُبلَ عليه من قيم إنسانية قبل أن يصل إلى الندوة النيابية، ومعه نتأكد أن الإنسان هو الغاية والهدف، وأن السياسة جسر عبور إلى مراتب أسمى في كنف الدولة وأبعد منها.
صريح بهذه القناعات إلى حدود قد لا ترضي الآخرين، لكنه منسجم مع نفسه، واثق، دمث الأخلاق، ولديه رؤى وتصورات قدمت إضافة إلى التيار السياسي الذي ينتمي إليه، فارتفع به ومعه.
وقد التقى "الثائر" النائب عطالله وكان هذا الحوار الهادىء رغم إيقاع الوجع مع ما يواجه لبنان من تحديات:
"الثائر": ماذا يحدث في موضوع الموازنة خصوصا وأنه ستكون لديكم الكلمة الفصل في مجلس النواب؟
جورج عطالله: أولا، دعونا نوضح أمرا أساسيا، نحن اليوم بصدد مناقشة ما كان يجب مناقشته ومعالجته منذ ثلاثين عاما، أي عندما توقفت الحرب. والمعلوم أنّ أي دولة تخرج من الحرب تعود لتنظم حياتها المؤسساتية، وكذلك واقعها المالي وتقوم بعصر نفقات، الأمر الذي لم يحصل في لبنان، وهنا تكمن المشكلة الأولى، فيما المشكلة الثانية لا يمكن فصلها عن الوضع الاقتصادي والمالي الذي يؤثر علينا في لبنان بسبب عاملين أساسيين، الأول له علاقة بوضعنا الداخلي بسبب مالية الدولة وبسبب الهدر وملفات الفساد الكبيرة التي بدأت تظهر بعدة أشكال. والعامل الثاني متمثل في المشكلة الاقتصادية العالمية، وبسبب الحروب والمنازعات أو غيرها. لدينا أبناء كثر موزعون في أوروبا، أفريقيا والبلدان العربية وأميركا، وكلهم يتحدثون عن الامور الاقتصادية المتردية، وكذلك تراجع الأعمال، فبالتالي هذا الواقع يؤثر سلبا على لبنان لعدم قدرة هؤلاء على تحويل الاموال إلى ذويهم ودعم الاقتصاد اللبناني، فأصبحنا اليوم في عنق الزجاجة، لأن المطلوب أمران مهمان، الأول إيقاف مزاريب الهدر ومنع التعدي على مالية الدولة، والثاني إقامة عصر نفقات وهذا للأسف علينا جميعا عمله.
"الثائر": وماذا عن تنامي التحركات المعترضة في الشارع؟
جورج عطالله: نحن نفهم بأن هناك اعتراضات من شريحة كبيرة من فئات المجتمع اللبناني كالموظفين وذوي الدخل المحدود، لكن هناك تطمينات واضحة وتوجها واضحا من جميع الأطراف بألا يطاول هذا الأمر الفئات الضعيفة في المجتمع، لذلك هذا العمل ليس بسهل في ظل البلبلة الموجودة. إضافة الى ذلك، فإن الإعلام غير مساعد أيضا، وهنا أتكلم بصراحة، عما حصل الأسبوع الماضي في جلسة الإدارة والعدل، إذ طرحت من ضمن مهامها الاستماع والرقابة ان تعقد جلسة مع المجلس الوطني للاعلام ومدراء الوسائل الاعلامية حتى نتفق وإياهم على صيغة معينة. مثلا هناك امور غير مطروحة في النقاش بعد أو حتى لم يأتِ أحد على ذكرها، فيقوم أحد ما "بشلح" فكرة على منصات التواصل الاجتماعي فيبدأ الجميع بالتكلم عنها، مع أو ضد، وينقسم البلد وتكون الفكرة غير مطروحة اساسا.
"الثائر": هل هي قنابل دخانية لتمرير أعمال ثانية؟
جورج عطالله: بالنسبة لي هذا عمل غير مسؤول، بغض النظر عن الهدف من ورائه وما إذا كانت ثمة قنابل دخانية لتمرير أشياء أخرى، فهذا عمل لا مسؤول، والمسؤول ليس من هو جالس على الكرسي بل الذي يتحمل المسؤولية، لا يمكننا اليوم في ظل الوضع الاقتصادي الهش الذهاب إلى الإعلام بهدف المنافسة بالخبر او "السكوب"، فنحن اليوم في أزمة، لكن البلد غير منهار، وهناك اقتصاديون يؤكدون على ذلك، ولكن إذا لم نصل الى وقف الفساد وسد مزاريب الهدر وإذا لم نضبط النفقات، بالتأكيد سنذهب إلى وضع أسوأ من الآن، وهذا ما نحن بصدد مواجهته.
"الثائر": أنتم في التكتل من القائلين من أين لك هذا؟ وصورتم كتاب "الإبراء المستحيل" فهل هذا الكتاب سيوضع في المكتبة فقط؟
جورج عطالله: بالتأكيد لن يوضع في المكتبة، فهذا الكتاب أصبح قانونا، ودعني أستعمل هذا التعبير ثمة "تعمية" للشعب اللبناني ومقصودة لكيْ لا يعلم، نحن نعتبر هذا الكتاب تقريرا وليس اتهاما موجها صوب شخص معين مثلما يصوره البعض، فبالنسبة لنا هو دراسة وافية مختصة بكل الوضع المالي والمشاكل المالية والهفوات المقصودة وغير المقصودة التي جرت في مالية الدولة طيلة الفترة الماضية والمتعلقة بالموازنة وقطع الحساب والصرف غير المبرر وغير المسجل وكل هذه التفاصيل. فهذا الكتاب - الدراسة أصبح قانونا داخل مجلس النواب، ومن ثم لا مالية تنتظم على مستوى الدولة الا إذا أصبح هناك قطع حساب رسمي عن السنوات الماضية، وهنا يجدر التوضيح، بأن البعض يريد من هذا الموضوع "قميص عثمان"، يريد من خلال هذا الكتاب أو التقرير إدانة الاشخاص واتهامهم بالسرقة لأنهم كانوا في تكتل ما مسؤول في ذلك الوقت. بالنسبة إلينا، هناك تقرير علمي موضوعي غير مسيس أقر في مجلس النواب بموجب القانون. أما الذي يريد المتاجرة به سلبا أو ايجابا فهو حر.
"الثائر": هل أنتم كتكتل مع محاسبة الذين نهبوا البلد حتى لو كانوا من حلفائكم؟
جورج عطالله: ليس لنا الفضل لنقول إننا مع المحاسبة، فحتى المرتكب في لبنان عند سؤاله سيقول أنهُ مع المحاسبة، بل سأقول أكثر، عند الاتفاق الرئاسي أثير هذا الموضوع ويومها كان واضحا وبدون التباس أنه خارج إطار البحث، ونحن سائرون به حتى النهاية، خصوصا مع فخامة الرئيس ميشال عون الذي لا يقبل المساومة والتساهل في هذا الموضوع، وسيسلك هذا الملف طريقه القانوني إلى القضاء حتى النهاية، وهنا لا يمكننا الذهاب إلى الاعلام والتشهير بأحد بغض النظر إذا كانت لدينا قناعة ان كان هذا مرتكب أو ذاك، نؤمن بالقضاء الذي سيقول كلمته، فنحن مع المحاسبة للنهاية وحتى وإن كان من فريقنا السياسي، ومثال على ذلك مدير عام مستشفى جزين الذي كنا قد عيّناه خلال الحكومة الماضية، فوردتنا معلومات عن ارتكابات ولم يقتصر الأمر على رفع الغطاء عنه فحسب، بل تمّت إقالته، نحن ليس لدينا "لبس كفوف" في هذا الموضوع أبدا.
"الثائر": بالنسبة إلى فخامة الرئيس الذي نحب ونحترم، هناك العفو العام في التسوية الرئاسية فما هو موقفكم منه؟
جورج عطالله: سأكون ضد العفو العام، وسأكون قاسيا جدا وسأقوم بمطالعة هذا الموضوع، لأن مرتكب الجريمة سينتظر العفو العام في كل مرة.
"الثائر": هل ستحدث هذه القصة خللا بينكم وبين حليف التسوية؟
جورج عطالله: كل شخص عليه إثباتات في القضاء على ارتكاب معين مهما كان لا يعنينا الدفاع عنه وتغطيته، ونحن سنكون رأس حربة ضده حتى إذا كان من أهل البيت.
"الثائر": وإذا اتخذ التكتل موقفا بالإجماع مع العفو العام؟
جورج عطالله: ليس هناك إجماع بل أكثرية، وهناك اختلاف في وجهات النظر داخل التكتل. يترك الأمر لحرية النائب، بالطبع نحن نحاول دراسة اقتراحات القوانين البسيطة قبل الذهاب الى مجلس النواب ليكون هناك موقف موحد.
"الثائر": هل من كلمة لـ "الثائر"؟
جورج عطالله: بكونه وسيلة إعلامية ومتقدمة عليها واجب إضافي غير نقل الخبر أو كتابة تحليل، والواجب الإضافي هنا أن تذهب نحو الإعلام المسؤول، والمسؤولية أن يتحمل الإنسان مسؤلية تجاه الناس، وللقلم حرية بالتأكيد، ولكن هذه الحرية تقف عند حدود كرامات الناس، وحدود الحقيقة، وإذا لم يحصل هذا الأمر لا تكون ثمة حرية وإنما تعدٍ، والكلمة التي سأقولها "الله يقويكن" في الإضاءات التي تقومون بها وفي العمل الذي تقومون به والجهد الذي تبذلونه، وثمة مسؤولية إضافية لجهة أن تكونوا رأس حربة في تبني صوت الحق، وعدم تبني الأمور كـ "سكوب" أو شعبوية من أجل إعلان بالزائد أو بالناقص.