#الثائر
* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"
مجلس الوزراء المنعقد في جلسته العاشرة لمشروع الموازنة، يستمر في مناقشة المشروع، وفق منحى تقشفي لا بد من أن يطال فئات عدة من أجل أن تتلاءم رؤيتها الاقتصادية مع مندرجات مؤتمر " سيدر " ومتطلباته، على رغم أن بعضها، لا يتلاءم مع معيشة الشعب الذي كدح ورزح وفلح منذ 40 عاما وحتى الآن، هاتفا في معظمه وكل لزعيمه: يعيش يعيش.
في الغضون، وما بين الدين والدنيا وحياة الناس فيها، وما بين الضمير والمصير: هناك من "قال ما قاله ومشى"، إنه أيقونة الكنيسة وأقنوما في مجد لبنان الذي أعطي للصرح، إنه البطريرك صفير الراحل الكبير.
اليوم أجراس الحزن قرعت في بكركي لرحيل الذي علق عمره في الحياة البشرية منذ تسعة وتسعين عاما على عمر دولة لبنان الكبير.
أجراس لبنان دوت في أرجاء الوطن كله، حزنا على شخصية كبيرة واكبت حقبات من تاريخنا المعاصر، بدراية وحكمة ومسؤولية صبت في خدمة المصالحة اللبنانية واستقلال لبنان وسيادته، متميزا بإيجاز عبارته وبلاغة تعبيره وحزم مواقفه.
وفي اتصال هاتفي أجراه الرئيس العماد عون بالرئيس الحريري، تم التوافق على تكليف الدوائر المعنية بإصدار مذكرة حداد على الراحل، وهكذا حصل.
وفي الصرح البطريركي تحضر مراسم الوداع، وسيسجى الجثمان الأربعاء المقبل ويحتفى بالصلاة لنفسه الخميس، ليتم بعد ذلك فتح أبواب الصرح لتقبل التعازي رسميا.
وقبل ذلك، قداس لراحة نفسه اليوم ووفود وشخصيات أمت الصرح البطريركي ولاتزال حتى الآن، رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة سيحضرون القداس الجنائزي.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
يوم لبنان بدأ عند الفجر حزينا تحت وطأة خبر رحيل البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير، أما ليلا فينتهي على واحدة من جلستين حاسمتين لمجلس الوزراء على شرف الموازنة.
عن تسعة وتسعين عاما رحل البطريرك الذي كان في حياته شخصية مثيرة للجدل، لكنها تحظى باحترام مريديه وخصومه على حد سواء.
الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن. هكذا جاء في بيان النعي الصادر عن الصرح البطريركي. بيانات أخرى نعته أيقونة للكرسي البطريركي ورجلا صلبا ورمزا وطنيا.
على امتداد لبنان قرعت الأجراس حزنا وخصوصا في بكركي، أما مراسم دفن الراحل فتتم بعدما ينقل الجثمان الأربعاء من المستشفى إلى بكركي، حيث تقام صلاة الجنازة لراحة نفسه عصر الخميس ويدفن في مدافن البطاركة في بكركي وليس في قنوبين.
على هامش نعيه لصفير، أكد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أنه لم ينكر لبنانية مزارع شبعا بل طالب بتثبيت لبنانيتها.
ما عدا ذلك، سياسيا كان اليوم يوم أحد هادئا قبل انعقاد مجلس الوزراء في جلسة عاشرة على نية الموازنة، تبدأ عند التاسعة والنصف مساء في السرايا، وربما لا تنتهي قبل السحور، علما بأن الأجندة الحكومية تتضمن جلسة أخرى قبل ظهر غد.
في الجلستين يقارب مجلس الوزراء بنودا ساخنة، مدعوما بقرارات متقدمة اتخذها في جلسته الأخيرة على أمل إعادة الموازنة التوازن إلى الأوضاع الاقتصادية والمالية.
وفي المقلب المواجه، أبقت قطاعات عدة اليد على زناد الإضرابات والاعتصامات، متسلحة بها لمواجهة أي مس بمكتسباتها، ومن هذه القطاعات العسكريون المتقاعدون وأساتذة الجامعة اللبنانية وهيئة التنسيق النقابية.
على صعيد آخر، سجلت ردود فعل مستنكرة لوفاة الموقوف حسان الضيقة، وسط روايات تحدثت عن تعرضه لعملية تعذيب، فيما دعت وزيرة الداخلية ريا الحسن لفتح تحقيق للوقوف على أسباب الوفاة، مشددة على ضرورة عدم التسرع في إطلاق الأحكام ليأخذ التحقيق مجراه القانوني.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المستقبل"
لقد قلنا ما قلناه، لبنان اليوم حزين، وحزين جدا. والحداد يملأ مواقع التواصل والقلوب والعقول. في عز الانقسامات، كان البطريرك صفير بوصلة تدل الجميع على طريق لبنان، التي حدث ومشاها وحيدا، لسنوات طويلة، حين عز الشجعان، وكان الاحتلال السوري في عز بطشه.
وحده البطرك وقف مدافعا عن السيادة. سيرته تشبه لبنان. قبل أشهر قليلة من ولادة لبنان الكبير عام 1920، ولد بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، وقبل أشهر قليلة من مئوية لبنان، إنطفأ قلبه، ورحل. وما بين ولادة وطن، ورحيل كاردينال، قصة عشق كبيرة تصلح لأن تكرس كمبادئ في حب الاوطان والدفاع عنها.
لبنان اليوم حزين، وحزين جدا. حزين على فقدان بطريرك الحرية، وبطريرك السيادة، وبطريرك الاستقلال. بخسارته يكون لبنان قد خسر أحد أعمدته الكبار، الكبار. هو صاحب المبادئ الذي لا يساوم، مهما اشتدت الضغوط. بطريرك العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين. بطريرك المصالحة التي طوت صفحة الحرب الأهلية الأليمة. بطريرك السلم الأهلي والحوار بين اللبنانيين. بطريرك الطائف بكل معانيه في الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، وقواها الشرعية، وتوازناتها الداخلية وفي علاقات لبنان الخارجية، لا سيما مع محيطه العربي.
هو الأيقونة الجميلة، والصخرة الصلبة، صاحب المبادئ الذي لا يساوم على الوطن والحرية. هو المقاوم المقدام. وهو قبل كل ذلك، بطريرك البطاركة وكاردينال الكرادلة. هو البطريرك الذي سيشهد التاريخ ويتذكره اللبنانيون بأن مجد لبنان أعطي له دون سواه.
لبنان بكل أطيافه ومن أقصاه إلى أقصاه نعى البطريرك صفير. رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي أعلن الحداد العام يومي الأربعاء والخميس استذكر اللقاء التاريخي بين والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري والبطريرك الراحل، قائلا: وكأنه كتب لهذين الرجلين الكبيرين، أن يلتقيا في الموعد التاريخي الفاصل، بالإيمان الوطني الواحد، والتطلع الواحد، واليد الواحدة.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
لن ينال دونالد ترامب مراده من الضغط المتواصل على الجمهورية الاسلامية الايرانية، حتى أن تحقيقه اتصالا هاتفيا واحدا بأحد مسؤوليها أمر أقرب إلى الحلم، كما تؤكد له طهران.
المؤكد أيضا، أن إيران ليست كمن يحصد منهم ترامب أربعمئة وخمسين مليار دولار باتصال هاتفي واحد، ثم يهينهم في حملاته الانتخابية، وإيران الثورة ما اعتادت قطف الانجازات بالتسويات بل بتماسك أبنائها وجهوزية قواتها التي تعطل الدعاية الأميركية المنقولة بحرا على متن حاملات الطائرات.
وفي تطور يفرض نفسه بين المتابعات، فقد أعلنت الخارجية الإماراتية عن تعرض أربع سفن للاستهداف في مياهها الاقليمية، وذلك بعد ساعات من تداول وسائل اعلام عديدة معلومات عن وقوع انفجارات في مرفأ الفجيرة النفطي فجر اليوم، واحتراق عدد من ناقلات النفط فيه.
في لبنان، طار النقاش بالموازنة من النهار إلى الليل، وعند التاسعة والنصف من مساء اليوم تعقد جلسة عاشرة لاستكمال البحث بالأرقام والتخفيضات، في تحد يجمع الأفرقاء على ضرورته بعد نفاد الخيارات، ويجتمع المتضررون منه على إعلاء الصوت ويتقدمهم قدامى القوات المسلحة.
فهل يستفيق اللبنانيون غدا على مشروع موازنة تتناول تخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب؟، وماذا عن البحث في رواتب موظفي القطاع العام المؤجل مرات عدة إلى ما بعد الانتهاء من التخفيضات؟.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
على درب أسلافه الكبار، مشى البطريرك السادس والسبعون. تسعة وتسعون عاما أمضاها على هذه الأرض، وفي هذا الوطن، من بينها ربع قرن رأسا للكنيسة المارونية، قبل أن تقرر مشيئة الله أن ينتقل إلى السماء، فجر الأحد 12 أيار 2019، ليوافي البطريرك الأول يوحنا مارون والبطاركة الشهداء وبطريرك لبنان الكبير الياس الحويك، وسائر من كتبوا في حياتهم تاريخ شعب، وسيرة وطن، وصلاة كنيسة.
كتب الكثير في البطريرك الدائم، كما لقبه البطريرك الراعي، وسيكتب أكثر. قيل الكثير، وسيقال أكثر. والأهم انه قال الكثير، لكنه في مراحل كثيرة، قول أكثر.
هو البطريرك الذي تولى المسؤولية في أحلك الظروف، فكان دائما نصير الدولة. رفض ممارسات الميليشيات في زمن الحرب، ورأى في الطائف، الذي لم يطبق، فرصة لإحياء الدولة وهي رميم.
هو الراعي الصالح الذي رفض الاحتلال، فأصدرت رعايته نداء بكركي الشهير في 20 أيلول 2000، بعد الانسحاب الاسرائيلي، للمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان، ليشكل ذلك دفعا كبيرا لمسيرة استعادة ثلاثية الحرية والسيادة والاستقلال، التي فقدت ذات تشرين.
هو المدبر الحكيم الذي صنع مصالحة الجبل عام 2001، والأمل مستمر باكتمال العودة. في التكتيك، تباين معه أكثر من طرف، وفي أكثر من مرحلة. أما على المستوى الاستراتيجي، فلا يختلف اثنان على التزامه الخط الأساسي الذي سار عليه الموارنة بقيادة بطاركتهم على مر الأزمان سعيا الى ثلاثة: الوحدة في الإيمان، والاستقلالية الحرة في جبل لبنان ثم لبنان، والانفتاح على الآخر المختلف أو التعددية الثقافية الدينية.
إنه مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك الوطن لا الطائفة، والإيمان لا الأحزاب، والمصالحة لا التكاذب، والاستقلال لا استبدال التبعيات.
عنه قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم: "تفتقد الساحة الوطنية بفقدانه، رجلا عقلانيا، وصلبا في مواقفه الوطنية ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف".
واعتبر الرئيس عون أن البطريرك صفير "سيبقى معلما بارزا في ضمير الوطن، وواحدا من رجالات لبنان الكبار على مر التاريخ"، داعيا إلى استلهام عظاته الغزيرة، ومواقفه السياسية، وروحانيته، تخليدا لذكراه، وحفاظا على مكانته في وجدان الأجيال الطالعة.
وتجدر الاشارة إلى أن رئيس الجمهورية كان تداول مع رئيس الحكومة في الخطوات الواجب اعتمادها بعد وفاة البطريرك صفير، لاسيما لجهة اعلان الحداد الرسمي والتوقف عن العمل في كل المؤسسات والادارات الرسمية والخاصة يوم التشييع حدادا على الراحل الكبير.
****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
أيها اللبنانيون لقد رحل بطريرك الحرية والسيادة والإستقلال، لقد رحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، هو الذي لم ينحن لغاصب ولا هادن محتل ولا تراجع عن حق، انحنت هامته المكللة بقدسية الإيمان والتواضع أمام الموت، لا خوفا بل قناعة بأن هذه اللحظة هي بوابة العبور إلى النور الإلهي، حيث مقعده المستحق عن يمين يسوع أياما بعد قيامته وصعوده، وقد أعارته السيدة العذراء سفينتها في الشهر المريمي.
لقد أخذ البطريرك معه قطعة من قلب كل لبناني سيادي مؤمن بنهائية لبنان، مؤمن بالعيش الواحد، مقتنع برسالة لبنان التنويرية بين الأمم، قطعة من قلب أم كل شهيد وكل معتقل، كيف لا وهل ننسى كيف حول البطريرك القديس بكركي زمن الإحتلال ملاذا لكل خائف وأذنا مصغية لكل محتاج. هل ننسى كيف تحولت عظاته الجريئة زمن الظلم إلى سيوف مسلولة في وجه كل ظالم، وإلى حكاية تذكر برمزيتها بأن ليس هو لبنان الذي صنعناه، انه لبنان المسطح المكسور الذي يسعون إلى استتباعه، فاعملوا بكل ما أوتيتم من أجل تحريره.
وهل ننسى كيف قال ذات اليوم لمن دعوه الى الإنضمام لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني في الشام، لن أذهب الى هناك الا ورعيتي معي وليس قبل أن تذهب الشام من لبنان؟.
وهل ننسى كيف حض تجمع قرنة شهوان على عدم التقوقع في قرنته وطائفته، وأن يمد جسور التلاقي مع كل تلاوين الطيف اللبناني، وإلا لن يحظى برعايته؟، وهل ننسى كيف جابه الإحتلال ورجاله، وأصر على جمع الجبل بقمتيه الدرزية والمارونية ليصور جبل لبنان العمود الفقري لقيامته وكيانه وإستقلاله؟.
سيدنا غبطة البطريرك القديس ترحل اليوم في عامك ال99 ولبنان الذي هو من جيلك، وقد ولد العام 1920، فلا أنت احتفلت بمئويتك الأولى، فيما هو يحتضر، والرعونة الداخلية والمخاطر الخارجية قد تحرمانه هو أيضا إطفاء شمعته المئة، ربما أنت كنت تعلم لذلك فضلت الإنكفاء والإبتعاد، وكأنك بقرار منك وبموافقة ربانية انسحبت من الحياة السياسية إلى كهنوتك، ومن ثم إلى عليائك.
نبكيك سيدنا لخسارتنا ناسوتك ولاهوتك، ولأننا سنفتقد وجهك المبتسم أبدا، نبكيك لأن لبنان سفينة تتلاطمها الأمواج، ربابنتها يقتتلون، نبكيك لأن لبنان الكبير مهدد في كيانه، نبكيك لأننا في غيابك سنفتقد قبلتنا، لكن ما يعزينا أنك ستلتحق بأسلافك العظام مرفوع الهامة، وقد أتممت رسالتك الكنسية والوطنية. وما يعزينا أيضا أنك ستصلي للبنان مع شربل ورفقا والحرديني والأخ اسطفان وبونا يعقوب، وستكون لقاءاتك بالبابا يوحنا بولس الثاني مكثفة، وسيكون لبنان دائما ثالثكما.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
القديسون يثبتون عجائبهم التي يصنفها العلم على أنها معجزات، بعد الوفاة. البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ثبت معجزات وطنية كمن يحفر الجبل بإبرة.
من كان يجرؤ على توفير الغطاء لاتفاق إنهاء الحرب الذي سمي اتفاق الطائف عام 1989؟ من كان يجرؤ على إطلاق نداء بكركي عام 2000 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على الإقدام على مصالحة الجبل عام 2001 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على إطلاق لقاء قرنة شهوان في ربيع العام 2001 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على رعاية ثورة الأرز في ربيع عام 2005 غير البطريرك صفير؟
معايشة تلك التواريخ، في لحظتها، لم تكن تعكس كل هذه الأبعاد، ولكن مع مرور الزمن يتأكد أن البطريرك صفير كان رجلا استراتيجيا، يعرف كيف يوقت موقفه وسقفه، فانتظر الإنسحاب الإسرائيلي في أيار من عام 2000 ليطلق نداءه الشهير في أيلول: النداء في بداية الألفية الثالثة، وانطلق صعودا، فكان القائد والملهم والراعي والمثابر، لا يلويه تهديد ولا يثبط عزيمته تهويل.
سلاحه "عظة يوم الأحد"، وتحديدا الفقرة الأخيرة منها، فكانت الناس تنتظرها كأنها خريطة طريق، وكان المسؤولون والسياسيون يتعقبونها ليعرفوا "شو قال سيدنا بالوعظة".
كثر كانوا يزورونه السبت ليثنوه عن إطلاق موقف في العظة، لكن ثوابته كانت صخرة لا تلويها وشوشة أو همسة.
وما كان يسقط من العظة كان يقوله في البيان الشهري للمطارنة الموارنة. فكانت العظة والبيان السلاح الأمضى الذي لا يضاهيه سلاح ولا يعلو فوقه أي صوت. وإذا كانت ثمة تحولات في تلك الفترة، فإن الفضل الأكبر فيها يعود لهذا السلاح الأمضى: العظة والبيان.
هناك رجال يسببون الأزمات ورجال يديرون الأزمات ورجال يعالجون الأزمات أو يشاركون في معالجتها. البطريرك صفير كان من الرجال الذين يعالجون الأزمات. لم يكن على الحياد بل انحاز إلى الحق والصح.
ولد في سنة إعلان لبنان الكبير، وغاب عشية الذكرى المئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير.
جاء إلى الدنيا في 15 أيار 1920، وسيلقي عليه اللبنانيون نظرة الوداع، ليدخل في التاريخ، في 15 أيار 2019. وداعا البطريرك صفير.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
عظة الأحد مجدت إسمه اليوم، عظيما من لبنان، دافع عن وطن رآه كما رآه، فقال ما قال، تمسك بنبض لبنانه كتمسكه بالدفاع عن نبضات قلبه إلى ما قبل مئة عام بقليل. والوطن الذي يعرف رجالاته أغدق عليه حزنا وكلمات وداع، ورثاه في مراسم بيانية مؤثرة.
وفي التاسعة والتسعين، وعن عمر ديني سياسي ناهز الثورة والقرنة والمصالحة، قرر الكارينال مار نصرالله بطرس صفير أن يخلد إلى السماء ويرحل بعد صراع مع شائعات الموت.
باني الكنيسة السياسية في لبنان، بطرك الموقف الثالث بعد أنطون بطرس عريضة الشاهد على الاستقلال الأول، والياس بطرس الحويك معمر لبنان الكبير وعلى ترسيم تاريخي، يقع مار نصرالله بطرس صفير عند حدود الثالوث الذي هندس الاستقلال، كل في مرحلته وجيوشه، لكن ما من معركة من دون خصومة. فالكاردينال صفير الذي عاصر حروبا ونزاعات ومعارك اقتحمت كنيسته، وجد نفسه يوما في قلب الصراع، وكان عليه أن يختار في الموقف.
وهكذا فعل، صالح في الجبل، وأقام نداء المطارنة الموارنة الشهير في العشرين من أيلول عام ألفين، داعيا إلى خروج سوريا من لبنان وإنهاء زمن الوصاية، ليخرج الوطن من مرحلة الانتهاك السياسي والاقتصادي.
قلنا ما قلناه، هي العبارة التي صاحبت الكاردينال صفير بعد هذا النداء، والذي قاده في ما بعد إلى رفد ثورة الأرز بكل إيمان، وإلى دعم قرنة شهوان بكل ما أوتي من تأمين المكان، ثم إلى تأمين الحاصل الكنسي لقوى الرابع عشر من آذار في دورتين انتخابيتين.
جاهد صفير وصرف من عظاته وصحته على صف سياسي، لم تنجده الصلوات لاحقا وبدأ تباعا بالضمور. لكن رهبة الرحيل أقامت التجمعات اليوم من بين الأموات. فتداعى لقاء قرنة شهوان إلى اجتماع لأعضاء كاد يغمرهم النسيان، وعلى الفقيد الرحمة، وله في لبنان أيام حداد، تزامنا ومراسم التشييع يوم الخميس المقبل.
والحداد لن يلف الليلة جلسة مجلس الوزراء التي ستجتمع على نية الموازنة لدرس ما تبقى من بنود متفجرة. وفيما الجلسة موعودة بصراع العسكر بدءا من الاثنين، فإن وصلة المنصورية ظلت على تأججها شعبيا ودينيا ورسميا، حيث تقام مراسم الحلول في الشارع. السكان يحتجون ويرتفعون على الصليب، والدولة تطرح حلولا بشراء الشقق والتي ستجر عليها عدوى مناطق أخرى متضررة، لكن أيا من الطرفين لم يقدم على حل يحتكم إلى منطق الدولة والقانون، والمفارقة أن هناك عشرة نواب تقدموا بطعن أمام المجلس الدستوري على قانون الكهرباء، وعرضوا كل المخالفات بهدوء، غير متأثرين بتوتر عال، فلماذا لم يتقدم المتضررون في المنصورية وعين سعادة بشكوى أمام المجلس المختص، وهذا كان جنبهم الصدام مع القوى الأمنية، ومشقة صعود الكهنة الى العواميد، وارتفاع الأبونا على الصليب.