#الثائر
لا نعلم ما هي العبرة من نقل مشكلة التوتر العالي في المنصورية إلى غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ، هل المقصود تخفيف حدة الاحتقان السياسي على خلفية الاعتداء على المواطنين المعتصمين رفضا لمشروع مد خطوط التوتر على مقربة من المناطق السكنية؟ ولماذا إقحام بكركي في قضية لا يجيب عنها إلا الخبراء؟
في مَا طرحته وزارة الطاقة والمياه من مسوغات في أن ليس ثمة من ضرر صحي على المواطنين، حتى وإن كانت صحيحة لا يمكن القبول والاعتراف بها واعتبارها مسلمة علمية لا تقبل النقض، لسبب بسيط، وهو أن الوزارة لم تعد جهة محايدة ونقطة على السطر، وتلويحها قبل أسابيع عدة بأن المشروع سيمر بحماية القوى الأمنية، فذلك قدم انطباعا بأن المشكلة تم حرفها عن مسارها إلى تكريس منطق القوة.
ومن ثم، فإن ما يسوقه المعتصمون لجهة الأخطار المحتملة، حتى وإن كانت مدعمة بدراسات علمية مثبتة، لا يمكن القبول بها أيضا، خصوصا بعد أن تطورت الأمور إلى إهانة الناس والمس بكراماتهم، بينهم نساء وأطفال، بحيث أصبحنا أمام وجهتي نظر وبسقف خلاف سياسي بالدرجة الأولى، وهنا لا يمكن الضغط في اتجاه تمرير المشروع بالقوة، وهذا ما يعتبر وصمة عار على جبين الدولة، أي ساعة تضطر إلى خوض مواجهة مع شعبها.
من المؤسف أن تتحول وصلة التوتر العالي في المنصورية، وغدا في غيرها من المناطق، إلى ما يستحضر المثل "مش رمانة قلوب مليانة"، خصوصا وأن الفريقين السياسيين لديهما ما يكفي من موجبات الشحن العصبي والعاطفي على خلفية تاريخية ما تزال حاضرة للأسف، ولا نزال إلى اليوم نعيش ترددات أكثر من زلزال ضرب العلاقة بينهما من خاصرة هذا الصراع الذي وللأسف يدفع ثمنه أحيانا اللبنانيون جميعا، وهذه مشكلة تطاول سائر القوى السياسية وفي مختلف الطوائف، وكأننا محكومون بصراعات الأمس، ولم نتيقن بعد أن لبنان ولج مرحلة بنا الدولة، وأن طي إرث الماضي وتجاوزه بات يمثل ضرورة ملحة تقتضي من الجميع نبذ الماضي والتصالح مع الحاضر.
ومع ما هو قائم اليوم، لا يمكن لبكركي أن تكون الجهة المعنية أو المولجة بمعلاجته، ولا يجوز أن يزج سيد بكركي في مسألة عنوانها من ينتصر على الآخر، لذا المطلوب لجنة خبراء محايدة تدرس وتقدم استنتاجاتها وعلى الجميع احترام قراراتها وما سوف تخلص إليه من معطيات!