#الثائر
ما تحول إلى سياسة يُواجه بالسياسة، إن كان معمل إسمنت أو مجررو داشر، أو حتى جورة على طريق فرعية، ويخطىء " حزب الله " في توفير غطاء سياسي لمصنع "إسمنت الأرز"، نحن معه في عناوين معركتنا مع إسرائيل لا في زواريب السياسة الداخلية، وكنا نتمنى أن يتبنى الحزب مقاربة جريئة في موضوع مصنع الإسمنت كتلك التي قدمها في موضوع تلوث نهر الليطاني، يوم أكد أن فعل المقاومة لا يقتصر على مواجهة العدو بالسلاح والنار فحسب، وإنما في الكثير من النواحي، على قاعدة أن مواجهة التلوث مقاومة، والتصدي للفساد شكل من أشكال المقاومة، وهل في ملف عين دارة غير الفساد والتلوث واستباحة كرامات الناس قبل صحتهم ومستقبل أبنائهم؟
ما تحول إلى سياسة لا يُواجه إلا بالسياسة، ومن يدعم مشروع بناء مصنع إسمنت، يمكن أن يبنيه في حاضنته الشعبية، وهذا الكلام موجه إلى كل القوى السياسية الرافضة أو تلك التي تستشعر الحرج، فموقف "حزب الله" الداعم لا يختلف عن موقف "القوات اللبنانية" الساكتة على حياء، ولا عن موقف "التيار الوطني الحر" المراعي لخصوصية تحالفاته، ومن المعيب فعلا ألا يظل في الميدان إلا وليد جنبلاط ومعه أهالي عين دارة، دروزا (النسبة الأقل من حيث عدد السكان)، موارنة، وروم أرثوذكس.
ولعل ما قاله وزير الصناعة وائل أبو فاعور بالأمس ومن مركز بلديتها، وفي حاضرة الوجع، يؤكد أن ما تحول إلى سياسة لا يُعالج إلا بالسياسة، خصوصا عندما رأى أن "هذه أم الفضائح، وفضيحة ما بعدها فضيحة"، متسائلا كيف أن إدارة قضائية تبلغ خصما في دعوى ضد الدولة، قرارها، وهو يعلنه عبر الإعلام والوزارة لم تتبلغ؟ ومستغربا "السرعة في قرار شورى الدولة ملفتة، وكأنه معد سلفا، أو غب الطلب"، مضيفا: "قرار مجلس شورى الدولة، يرقى إلى مستوى الفضيحة القضائية، بكل المقاييس"، لافتا إلى "اننا طالبنا وزير العدل بالتوضيح، وحتى اللحظة لم يصلنا أي جواب، ولا تستطيع الوزارة أن تصمت صمت القبور إزاء الفضيحة"، مؤكدا أن "القرار لن يمر مرور الكرام، فالتفتيش القضائي مطالب بالتوضيح"، مردفا: "نريد تحقيقا شفافا، وسنلجأ إلى القضاء لمعرفة ماذا جرى في الحيثيات القضائية، قبل أن نتابع المعمل من الناحية البيئية والصحية".
ولم يغفل الوزير أبو فاعور حقيقة أن "محيط معمل الإسمنت في عين دارة ، تحول إلى جزيرة أمنية، وهناك حديث عن ميليشيات ومسلحين وقناصين، والأمر برسم القضاء والأجهزة الأمنية ومسؤولية الدولة اللبنانية"، ناقلا رسالة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط و"الحزب التقدمي الاشتراكي" لأهالي عين دارة، هي: لن نتخلى عنكم في هذه المعركة، والمعركة لم تنته، وهي معركة قانونية قضائية إدارية، لا أكثر، وما زال لدينا الكثير من الأوراق، التي نستطيع أن نقدمها وقرار الصناعة محق".
وقال: "خرج السوريون بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 2005، والمعلم كمال جنبلاط قبله وقافلة الشهداء، بجيشهم ومخابراتهم، ولن يعودوا لا بجيشهم ولا بمخابراتهم، ولا بكساراتهم".
من المعيب ألا نسمع صوتا في السياسة حتى الآن، وما يؤسف أن يُترك جنبلاط وحده في ميدان المواجهة، "قال مكافحة فساد، يا عيب الشوم"!