#الثائر
خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وتحديدا في العام 1976، اعتبر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أن الطريق إلى القدس تمر في جونيه أو من جونيه، وكان ثمة لبنانيون اقتنعوا بهذا الشعار من موقع التحالف مع منظمة التحرير الفلسطينية، وجاء دخول الجيش السوري وكان ما كان، والوقائع معروفة وليست ببعيدة زمنا في ظل وصاية حكمت وتحكمت بلبنان واللبنانيين ردحا من الزمن.
إلى الآن لم تبادر القوى السياسية اللبنانية إلى تبنِّــــي مراجعة نقدية في محاولة جدية لاستخلاص الدروس والعبر كي لا تقع وتوقعنا لاحقا في المحظور، وكي لا يعيدَ التاريخ نفسه من على منصة أهوائنا ومصالحنا الضيقة، فتتقاسمنا محاور إقليمية ودولية وتوظفنا في حدود تأمين مصالحها على حساب لبنان وشعبه.
إن مثل هذه المراجعة ضرورية ولو متأخرة، ولم يفت الأوان بعد، فعلى الأقل ثمة ضرورة ليتصالح اللبنانيون أبعد من اتفاق (الطائف) أملته ظروف عربية ودولية، ولم ينبع أساسا من قناعات اللبنانيين بأن الحرب في مَا بينهم لم تفضِ لغير تكريس الوصاية، ولا سيما ما يتعلق بمراجعة تحالف فريق من اللبنانيين مع الفلسطينيين وتحالف فريق آخر مع إسرائيل، حتى وإن قدم كل فريق رأيا مختلفة، يظل الثابت الوحيد أن الجميع أخطأ، ولو أن اللبنانيين اتفقوا على كلمة سواء في أوائل السبعينيات من القرن الماضي لربما كنا نجونا من حرب نعيش نتائجها وندفع أثمانا باهظة ترتبت علينا كلبنانيين من مختلف الطوائف والانتماءات السياسية.
في سياق آخر، أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان ( اليونيفيل ) أمس أن تحقيقاً أجرته حول النفق الأخير الذي أعلنت إسرائيل اكتشافه مطلع العام الجاري من جنوب لبنان باتجاه أراضيها، أظهر انه يعبر الحدود بين البلدين. وقالت "اليونيفيل" في بيان أمس الأول الخميس انها أجرت "كشفا تقنياً على آخر نفق اكتشفه الجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل بالقرب من الخط الأزرق ومقابل بلدة رامية اللبنانية".
رغم ذلك، لا نعتبر ذلك خرقا، فمن حق لبنان أن يحمي حدوده، والأنفاق حاجة لمواكبة أي اعتداء على لبنان، وإذا كانت إسرائيل ترتكب خروقات يومية باستباحة سمائنا واحتلال بعض أجزاء من ترابنا، فلا ضير أن نسجل خرقا واحدا على الأقل.
وبالعودة إلى سياقات الواقع اللبناني المأزوم والمضطرب، نستغرب موقف "حزب الله" الداعم لمشروع الإسمنت أو "معمل الموت" كما يطلق عليه أهالي البلدة، والخوف أن تتبنى المقاومة مقولة تذكرنا بما قاله يوما الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، أي أن تصبح الطريق إلى القدس يمر في عين دارة، وهذا يؤكد أن المراجعة النقدية لتجارب الماضي ضرورية لنتحصن بالسلم والسلام!