#الثائر
هكذا السياسة في لبنان، وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن أعطى ترخيصا لمعمل "إسمنت الأرز"، يعني أن " حزب الله " مع المشروع بما يملك من غطاء سياسي، وربما شريك معنوي في مشروع إعادة بناء سوريا، أما وزير الصناعة الحالي وائل أبو فاعور فألغى الترخيص، ما يعني أن "الحزب التقدمي الإشتراكي" ضد المشروع، ووسط هذا النزاع يتحرك أصحاب المعمل وسط هامش كبير من الممانعة وبأريحية سياسية وقضائية و"بيئية"، خصوصا وأن "إسمنت الأرز" سيكون، وخلافا لكل أنواع الإسمنت في العالم، أخضر نقيا ويعطي ثمرا ويزهر على مدار فصول السنة.
في السياق، وعد القيمون على "إسمنت الأرز" بغرس جبل عين دارة بأشجار الأرز، تماما كما أعادوا تأهيل "الأرض الخراب" في مقالع وكسارات عين دارة – ضهر البيدر، ومن يعبر اليوم الطريق الدولية من صوفر صعودا حتى شتورا، ستطالعه بالتأكيد على يمينه "حدائق بابل المعلقة"، وكأن ثمة نبوخذ نصر يمهد لـ "سبي" جديد، أو لتقل تهجيرا، وفي الأساس، من يقطن وفوقه كسارات ومعمل إسمنت ومجمع صناعي لإنتاج كل ما له علاقة بالإسمنت من بلاط وسيراميك ومصبوبات وغيرها؟
تدمير منطقة بكاملها تتوسط ثلاثة أقضية بين محافظتين (جبل لبنان والبقاع) مسألة فيها نظر، وتحويل المساحات المجاورة إلى أراض لا يمكن استثمارها سياحيا وزراعيا أيضا فيها نظر، وتراجع أسعار العقارات بسبب "الإسمنت الأخضر" وتدمير مقومات الحياة مسألة "حسمها" القضاء استنادا إلى دراسات معمقة "أكدت" ألا تلوث للهواء، ولا خوف على مجاري الأنهر ومصادر المياه الجوفية في منطقة تعتبر جزان مياه لأقضية عاليه والشوف والبقاع الأوسط، ولا حركة شاحنات تلوث بالضجيج وبعوادمها الطريق الدولية وتلك المتفرعة منها.
"الأثر" البيئي تمت دراسته بـ "شفافية" وبناء عليه كان الترخيص مذيلا بتوقيع وزير الصناعة السابق، ورغم ذلك لا يعنينا الخلاف المستجد بين "حزب الله" ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" على خلفية هذا المصنع وقضايا أخرى، لكن في "مقاربة جغرافية" من هو متحمس لهذا المصنع يمكن نقله إلى منطقة أكثر ملاءمة، في البقاع الشمالي مثلا، حيث هناك مساحات بعيدة عن القرى، لكن لا نعلم لماذا "حبكت" في تلال عين دارة تحديدا؟
المشكلة أن القوى السياسية المفترض أن تكون معنية ولا سيما "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" ما زال موقفهما رماديا، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، وبالنظر إلى أن المصنع المذكور بات قضية سياسية بامتياز، فعلى وليد جنبلاط الانسحاب من هذه المعركة، ولتترك الساحة لنبوخذنصر العصر وليتحضر أهالي القرى والبلدات المجاورة لـ "سبي" جديد!