#الثائر
واهم من يظن أن الخيارات الأميركية تجاه المنطقة وعلى مستوى العالم أيضا هي بمثابة قدر لا مناص منه، أو هي بالأمر "الرباني" وعلى الجميع الانصياع وتقديم واجب الطاعة والولاء، وواهم أيضا من لا يزال ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها "شرطي العالم"، وأن "نهاية التاريخ" تمثلت في لحظة عابرة لم تطل زمنا، وخيبت طروحات كبار منظري الهيمنة الأميركية على العالم عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك منظومة الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية، كانت هذه اللحظة بمثابة انعدام وزن على ساحة الصراع الدولي، أما اليوم فيعيش العالم بعض تجليات حرب باردة لا يمكن مقارنتها بما كان قائما في أواخر الألفية الثانية.
اليوم تبدت معايير جديدة على ساحة الصراع الدولي، ومن يظن أن روسيا "استماتت" للدفاع عن النظام السوري واهم أيضا، لقد خاضت روسيا، ومن الخاصرة السورية حرب استعادة التوازن المفقود مع الولايات المتحدة ونجحت، وباتت تمتلك قواعد عسكرية على المتوسط (استئجار ميناء طرطوس لمدة 49 عاما) وفي الداخل السوري أيضا، وهنا لا تصح المقارنة بين ما كان قائما من توازن بين الاتحاد السوفياتي وأميركا في النصف الثاني من القرن الماضي، فالروس باتوا جزءا حيويا من لعبة التوازنات الإقليمية، وتمتلك في سوريا منظومات صاروخية تتصارع دول المنطقة ولا سيما تركيا لامتلاكها (صواريخ اس 400).
وللمقارنة أيضا، في السابق لم يكن ثمة "حزب الله"، وكان تواجد المنظمات الفلسطينية في لبنان استعراضيا إلى حد بعيد، بدليل أن إسرائيل اجتاحت لبنان خلال أيام قليلة، بينما فشلت من احتلال مساحة من الأرض في الجنوب في عدوان 2006، وتحطمت أسطورة دبابة "الميركافا" في وادي الحجير وبنت جبيل، وحتى المقاومة الوطنية اللبنانية كانت طرية العود في مراحل انطلاقتها الأولى، وبالرغم من ذلك انسحبت إسرائيل إلى الشريط الحدودي في أقل من سنتين، وانسحبت نهائيا في العام 2000 نظرا للكلفة الباهظة التي تكبدتها، خصوصا بعد تطور العمليات النوعية لـ " حزب الله ".
نستغرب حيال كل ذلك أن يظل الأمن العالمي يواجه مخاطر جدية بفعل استخفاف الولايات المتحدة الاميركية بالقوانين الدولية، تارة "تهدي" إسرائيل القدس وطورا تؤكد "سيادتها" على الجولان العربي السوري المحتل الذي رفض أبناؤه وما زالوا الهوية الإسرائيلية.
ومن ثم، تعلم الولايات المتحدة أن حربا ضد إيران دونها أكلاف باهظة، وهذا ما بدأ يتأكد من خلال محاولة إحكام الخصار الاقتصادي على طهران، بدعم بعض الدول العربية التي تكفلت بضخ كميات من النفط لتعويض نقص الأسواق العالمية مع "محاصرة" النفط الإيراني.
الخيارات الأميركية ليست قدرا ولن تكون!