#الثائر
محرر الشؤون العربية والدولية
طغى الحدث السوداني اليوم وتصدر الاهتمام دوليا وعربيا بعد أن استفاق العالم على وقع الانتفاضة الشعبية، وقد تمكنت طوال الأسابيع الماضية، وما قبلها أيضا، من تصديع بنية النظام بكل مساوئه ومفاسده، ما أفضى إلى عزل الرئيس عمر البشير تحت ثقل ضغط القوى الشبابية والسياسية والنقابية مع تنامي حركة الاحتجاجات، وظل الناس يتوافدون إلى الساحات في العاصمة الخرطوم بدءا من صباح اليوم مهللين وسط مظاهر الفرح بعد أن تأكدوا أن البشير اعتقل، وانتظروا حتى إعلان وزير الدفاع عوض بن عوف بأن اللجنة الأمنية العليا قررت اقتلاع النظام الحاكم، واعتقال رأسه، والتحفظ عليه وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لمدة سنتين، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.
لكن ماذا بعد؟ والسودان إلى أين؟ وهل ثمة جهات عربية ودولية دعمت في سياق ما تشهد المنطقة العربية من تغيرات وآخرها ما حدث في الجزائر؟
هذه الأسئلة حملت توجسات كثيرة عبر عنها العديد من القوى السياسية، وسط تأكيد بأن سلطات النظام نفذت انقلابا عسكريا ليكون مقدمة تعيد من خلاله إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار الشعب السوداني عليها، وكان لافتا للانتباه موقف "تجمع المهنيين السودانيين" إذ سارع بعد إعلان عوف ليؤكد أن ما حصل "تمثيلية جديدة"، ولفت إلى أن الإنقلاب يُـبقي على مفهوم "الدولة العميقة"، ما يعني أن ما جرى هو انقلاب جديد ومحاولة للمراوغة.
ورغم ضبابية المشهد، يتطلع السودانيون اليوم إلى تشكيل مجلس مدني انتقالي تمهيدا لانتخابات عامة ديموقراطية، وذلك السبيل الوحيد لمنع إجهاض نتائج الثورة الشعبية عن طريق الانقلاب العسكري والالتفاف عليها لإبقاء النظام ورموزه العسكرية، وتحويلها إلى إستبدال فوقي شكلي يحبط آمال ومطالب الشعب السوداني.
ومن المتوقع أن تتوالى في الأيام القليلة المقبلة الأسئلة أيضا وأيضا لتزيد من قتامة المشهد، فليس ثمة ما هو واضح إلى الآن حيال مستقبل السودان، وللدلالة على استشعار السودانيين الخطر من "عسكرة" الدولة، تحولت الهتافات الداعمة لإقالة البشير إلى هتافات رافضة بيان اللجنة العسكرية من قبل المعتصمين أمام مقر القيادة العامة، وهذا مؤشر يؤكد أن ثمة مخاوف ستعبر عن نفسها أكثر في مسار التطورات المشرعة على احتمال أن تتصاعد حركة الاحتجاجات.
كل ذلك يفضي إلى أن ما حدث اليوم ليس سوى بداية، فأي مصير ينتظر السودان بعد إزاحة البشير؟ هذا السؤال سيبقى ماثلا وسط توقعات بأن تكون الساحة السودانية محكومة بتدخلات خارجية، وهذا ما هو متوقع!