#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
حتى فلس الأرملة تمَّ صرفه، ولم يُبقوا على شيء!
صرفوا ما في الجيب ولم يأتِهِم ما في الغيب! "فطلعت الصرخة".
ألم يكونوا يُدرِكون أنهم سيصلون إلى هنا؟ ألم يقرع جرس الإنذار منذ سنة؟ ولو لم يكن الأمر كذلك، كيف وصلوا إلى مؤتمر " سيدر "؟ ولماذا طلبوا دراسةً من شركة "ماكينزي" العالمية؟
***
يطلبون الدراسات لكنهم لا يعملون بموجبها. يعقدون المؤتمرات لكنهم لا يأخذون بنصائحها.
إنهم يستسهلون. والإستسهال هو أن يستقرضوا: حينًا من الدول، وحينًا آخر من المؤسسات النقدية الدولية والعربية، وحين تُقفل الأبواب الخارجية في وجههم يُديرون أيديهم إلى الداخل: الإستقراض من المصارف.
ماذا يعني الإستقراض من المصارف؟
بكل بساطة، يعني الإستقراض من الناس، فهل وصل بهم الأمر إلى الأخذ ممن يستحق، للصرف على مَن لا يستحق؟
المدَّخرات في المصارف هي عدة "انواع": من فلس الأرملة إلى تعويضات المتقاعدين، إلى أموال المغتربين إلى ودائع المستثمرين، إلى مدخرات الجميع من دون استثناء.
يضع المودِع امواله بفائدة معينة في المصارف. تستثمر المصارف هذه الأموال وتسعى لتحقيق أرباح أكثر من تلك التي تدفعها كفوائد، وأهمية الإدارات المصرفية هي في كيفية القيام باستثمارات تكون فيها هوامش المخاطرة ضعيفة.
هكذا تدور العملية المصرفية... لكن ما يُطرَح هذه الأيام قد يخرج عن العِرف المتبَّع.
الدولة تريد ان تقترض من المصارف بفوائد متدنية جدًا، وربما معدومة، ليكون بإمكانها الإستمرارية، لكن هل هذا الخيار في محله؟
الجميع مُكرَهون، ولا أحد مرتاح:
الدولة غير مرتاحة لأن النفقات أعلى بكثير من الإيرادات.
الناس غير مرتاحين لأن الأعمال متراجعة والمؤسسات تُقفل والأعباء تزيد.
تحويلات المغتربين تراجعت لأن الأوضاع في بعض دول الإغتراب لم تعد كما كانت من حيث فرص الأعمال.
وعليه، فهل من المنطقي ان تختصر الدولة المعالجات بأن تقترض من المصارف؟
***
هناك "نغمة" بدأت تتصاعد وتتوسع لتقول: "المصارف ربحت كثيرًا".
ما هذا المنطق الذي يدعو إلى السخرية!
وماذا تفعل المصارف؟ وما هي طبيعة عملها؟
هل هي جمعيات خيرية لا تبغي الربح؟
وحين يأتي مصرف أجنبي ليعمل في لبنان، ماذا تكون غايته؟ أليس الإستثمار وتحقيق الربح؟ فأين العيب؟ وأين الخطأ في ذلك؟ هل نقول له: لا يحق لك ان تربح؟
وحين يفتح مصرف لبناني فرعًا له في أي دولة ، الا يكون هدفه الاستثمار والربح؟
***
يا سادة، المصارف ليست جمعيات خيرية لا تبغي الربح، وحتى لو كانت كذلك فإن فلسفة الجمعيات هي ان يكون عطاؤها للمحتاجين والمعوزين وليس للدول التي تفشل في إدارة شؤون الناس.
يا سادة، لا ترموا فشلكم على الآخرين، ولا تحمِّلوا أعباء فشلكم للآخرين.
إذا كنتم تريدون الإقتراض من المصارف، فيجب ان تقدموا ضمانات كيف ستسددون القروض. أليس هذا الذي يحصل عندما يعمد أي مواطن إلى طلب قرض من أي مصرف؟ أليست هناك شروط للقروض؟ ماذا تقدِّم الدولة من ضمانات؟ ولماذا على المصارف ان تثق بها؟
هل "السوابق" تريح؟
ماذا عن الإصلاحات الموعودة؟
ماذا عن "مغامرة ومخاطرة" إعطاء سلسلة الرتب والرواتب من دون دراسة؟
القطاع المصرفي هو الملاذ الأخير للمواطن، لم تعرفوا كيف تكونون الملاذ، فاتركوا المواطن ان يحافظ على ملاذه.