#الثائر
– أنور عقل ضو
حقق لبنان إنجازا "تاريخيا" انتزعه من الرؤساء والملوك والأمراء العرب، في قرار يتعلق بتأكيد لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال الغجر، إنجازا يثير فينا السخرية إذا تذكرنا أنه يوم اجتاحت إسرائيل نصف لبنان، صرح وزير دفاع من العرب الأقحاح بألا حاجة لانعقاد جلسة لمجلس الأمن، كان قسم من العرب متواطئا على نحر لبنان، ويوم احتلت إسرائيل بيروت أول عاصمة عربية تحتلها في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، لم تتمكن من البقاء فيها سوى أيام معدودة، يومها لم ينتظر المقاومون قمة عربية أو غربية، بسواعدهم أًصلوا الإسرائيليين نارا كاوية، فما كان منهم إلا أن غادروا بيروت، فيما صدحت من مكبرات الصوت العبارة: "يا أهل بيروت لا تطلقوا نحن راحلون"!
ما أعادت القمم العربية حقا، ولا حررت شبرا من أرض محتلة، ولا حققت السلام "العادل"، وأقصى ما فعلته إسرائيل تمثل في دس "سم المفاوضات" فتناوله العرب طائعين وغرقوا في متاهات التفاوض، من مدريد إلى أوسلو ووادي عربة، فيما إسرائيل لم توقف ولو للحظة بناء المزيد من المستوطنات ولم تدارِ كرامات مهدورة، ولا حرمة التفاوض بين أطراف يفترض أنهم يتباحثون من الند إلى الند، فضاع المضيَّع، وتفرق "الأحباب" كل يداري أزماته ويسوق هزائمه، حتى غدت القمم العربية منصة لتعميق الخلافات لا تطويقها.
ما يهمنا وسط هذا الجو المحبط، يظل متمثلا في أن لبنان كان الأقوى في قمة الإحباط تلك، وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحاضر الأكبر، أوليس لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي حررت أرضها بتضحيات ودماء أبنائها، جيشا ومقاومة ومواطنين من مختلف القوى السياسية دون مفاوضات ما استجلبت يوما غير الذل والهوان؟
لقد حمل الرئيس عون إلى القمة العربية في تونس كل هذا الإرث الوطني، وكان الرئيس الأقوى بشعبه وجيشه ومقاومته، فرمزية الحضور ترسمها الكرامة اللبنانية، وتعززها هالة الحضور، هكذا نظرنا إلى المشاركة اللبنانية في القمة، وقد أكد الرئيس عون بغير كلام، أن لبنان الذي يعيش واقعا اقتصاديا صعبا هو أقوى بكثير من دول تفوق موازناتها تريلونات الدولارات.
لا نسوق كلاما من قبيل الشعر أو نستحضر بعض الوجدانيات في كلام مؤثر، إنما هذه الحقيقة لم يتنبه إليها كثيرون، وهي أن لبنان القوي ليس مجرد شعار، وإنما حقيقة لا تقبل المساومة والجدال، ومن هنا، لا نعلق كبير آمال على اعتراف القمة في تونس بـ "لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال الغجر"، ومثل هذا الاعتراف لا يُصرف في أروقة المؤتمرات، عربية كانت أم أعجمية!
على اللبنانيين بمختلف طيفهم السياسي والطائفي والمذهبي والعقائدي أن يدركوا حقيقة أن قوتهم متأتية من سواعدهم ونضالهم، وهذا ما يفرض تحديا يتطلب السعي دائما إلى تكريس الوحدة الوطنية دون التفريط بعوامل القوة، متمثلة بالوحدة والتوافق وسلاح الجيش والمقاومة، ويبقى لبنان أكبر من قمة الهزال العربي!