#الثائر
- أنور عقل ضو
"مافيا المقالع و الكسارات أكبر من الدولة"، قالها بالأمس وزير البيئة فادي جريصاتي ، وما اجترأ مسؤول سواه على النطق بالحق، من خوف أو من فساد، والخوف أحيانا صنو الفساد وشيمة الفاسدين، أولئك الذين يطأطئون الرؤوس مرضاة لضمير غائب، ميت ومتحجر كصخور جبالنا المنكوبة، أولئك الذين فصلوا القانون على حجم استثماراتهم ونهشهم لذرى لبنان ومطلاته المشرعة على السماء، فآثروا قضمها ليغرقوا لبناننا في وهاد العفن والسرقة والسمسرة، وإغداق العطايا كرمى لكسارة تجرش مع الصخر إرثنا الطبيعي وبعضا من أرواحنا، ولو نطق الصخر يا معالي الوزير لاستصرخكم أن ترفعوا عنه الظلم.
جبال لبنان تبكي يا معالي الوزير، غاباته تئن من وجع، شطآنه بها توق لشمس ساطعة بالحب، خنقها الإسمنت وكبَّل موجها، دمرها الفساد فما عاد ثمة موضع لعش سلحفاة، ولسرب نوارس يرتل صلاة الغيوم، شواطئنا يا معالي الوزير شفطت رمولها وكانت موشاة بالذهب يلمع على كتف الدهشة كقصيدة من نور، استباحتنا النفايات والصرف الصحي والوسخ اليومي فأي قصيدة ترتجى اليوم؟ وهل من سيمفونية تعزفها الصخور بزبد الشواطئ؟ وهل من رقص فراشات على محيا التلال الحزينة؟ وأين نحل الدهشة يرسم لوحات تعتسل بزهر "القرص عني" و"الهندباء" و"الطيون"؟
معالمنا الطبيعية يا معالي الوزير كانت قصائد استعار منها الشعراء مفرداتهم، ونظموا أبياتا من سحر وجمال، من نبيذ تعتق بسر الخلق وأهزوجة الأمل وفيافي العطر، أما اليوم فكم نتذكر قصيدة الشاعر الإنكليزي توماس إليوت "الأرض اليباب" وهي تصور عالماً مثقلا بالمخاوف، ضمنها إليوت نبوءة وسخرية، حين رأى أن شهر نيسان (أبريل) "أقسى الشهور"، نعم يا معالي الوزير لا موطىء لزهر ليركن نيساننا الدفء والزهر على منحنيات الفرح الغائب، صرنا نكره الربيع يا معالي الوزير، و"العكوب" لا ينمو في الصخر، وكذلك الريحان والعليق، والأشجار تموت واقفة، ليس من غبار وتلوث فحسب، وإنما من قهر وتعب.
توانى كثيرون، يا معالي الوزير، عن شهر سيف العدل في وجه من تفوقوا على آل كابوني وعتاة المجرمين من مافيات الفساد، من صقلية إلى إيطاليا واليابان والولايات المتحدة، والعبرة في اليد الممسكة بهذا السيف، اليد القوية النظيفة، أما السيف فصقيل رهيف، ومن يملك سيف الرئيس العماد ميشال عون، لا يهاب معركة ولا تكبله اعتبارات!