#الثائر
- * " فادي غانم "
زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للبنان أصبحت وراءنا، وبرغم ما أحدثت من تشظيات على الساحتين المحلية والإقليمية، فقد تمكن لبنان بقوة موقفه الرسمي من تجاوز ما حملت من رسائل "مفخخة" وما رافقها من صخب، لا سيما في مَا بدا تحريضا على فريق لبناني وفي الدعم المطلق لإسرائيل، فضلا عن أن اعتراف دونالد ترامب عشية زيارة بومبيو بسيادة إسرائيل على الجولان! قوبل من معظم القوى السياسية في لبنان بإجماع تمثل في شجب موقف الرئيس الأميركي، وقبل يغادر بومبيو إلى بلاده.
وفيما يستعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة موسكو، من المتوقع أن تنقعد قمة لبنانية - روسية غدا تجمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ما يعزز حضور ومكانة لبنان، ويؤكد أنه منفتح على القوى الإقليمية والدولية في حدود تحفظ استقراره، وستبحث القمة اللبنانية – الروسية في ملف عودة النازحين السوريين وتفعيل المبادرة الروسية في هذا الصدد، خصوصا ما يتعلق منها بتأثيرات النزوح على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى التطورات الاقليمية وما يعني لبنان منها على وجده التحديد.
وبدءا من اليوم، أي مع إطلالة هذا الأسبوع يتطلع اللبنانيون إلى ما يحصن ساحتهم الداخلية، متسلحين بموقف رئيس البلاد، وقد وُفِّقَ في رسم ملامح أولية واضحة لموقع لبنان، دورا وحضورا، مستندا إلى سقف الشرعية الدولية، وقد نجح لبنان في اختبار مهم لجهة تحصين نفسه في مواجهة الضغوط الأميركية، فيما تمكن الرئيس عون من حث سائر القوى السياسية على التآزر والتكاتف لإنقاذ الحكومة والسعي الحثيث لتفعيل عملها وتعزيز دورها في هذه المرحلة، وما أشاع أجواءً مطمئنة لم يأتِ من كلام رئيس الجمهورية فحسب، وإنما موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري فضلا عن بيان وزير الخارجية جبران باسيل.
لأول مرة منذ سنوات طويلة يؤكد لبنان أنه قوي، وسيكون قادرا على مواجهة التحديات والاستحقاقات الداهمة، وما استقبال رأس الدبلوماسية الأميركية وزيارة موسكو إلا عنوانين حددا الخطوط العريضة لسياسة لبنان راهنا ومستقبلا، ولمثل هذا الأمر مدلولات تشي بأن لبنان لن يكون جزءا من محاور المنطقة وصراعاتها المحمومة، إلا في مَا له علاقة باستقراره وأمنه، وتحديدا من خاصرة التهديدات الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، لم نكن نتوقع أن نكون في منأى عن الأنواء الإقليمية والدولية بحد أدنى من التضامن، وهذا ما يحسب للرئيس عون في نظرته الواثقة للحاضر والمستشرفة للمستقبل، وإن كنا نعلم أن ثمة استحقاقات أخطر وأكبر، غير أن ضبط إيقاع التوترات الداخلية تحت سقف الدستور، بعث برسالة واضحة تؤكد أن لبنان لن يكون خاضعا لإملاءات أحد!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"