#الثائر
زار رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر ، بلدة كفرعميه - قضاء عاليه والتقى أهلها واحتفل معهم بالقداس الالهي في كنيسة مار يوسف في البلدة التي هي في طور البناء، وقد عاونه فيه كاهن الرعية الخوري توفيق ابو خليل، الخوري روجيه شرفان والشماس جورج عازار، في حضور النائب سيزار ابي خليل والنائب أمين نصار، رئيسي بلديتي كفرعميه يوسف أبي موسى ورشميا منصور مبارك وأهالي البلدة والجوار.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى المطران مطر عظة تحدث فيها عن أبناء كفرعميه وتعلقهم بأرضهم وبكنيستهم، وقال: "إننا في الاحد الرابع من الصوم نسمع إنجيلا من أجمل صفحات الإنجيل، إنجيل الإبن الضال الذي عاد إلى بيت أبيه. كنا نسميه الإبن الشاطر ليس عن شطارة بل لأنه شطر، قسم بينه وبين أخيه وذهب. هذا المثل ليعلمنا أن الله هو أب رحوم حنون، إله الرحمة هو، وإله الغفران وأنه يرأف بأولاده ولا يريد إلا أن يكون أولاده مجموعين موحدين على الحب، والحال أن عائلته مرت باهتزاز كبير في هذا البلد. إبن أصغر يأخذ قسمته ويذهب، يبدد أمواله بالطيش ثم يستفيق أنه صار وحيدا ويقول، أعود إلى بيت أبي وأقول له احسبني أجير عندك، لم يعد لي الحق بأن أكون لك ابنا. ويقول الإنجيل عندما كان عائدا رآه أبيه من بعيد لأن الله ينتظرنا كل يوم، ينتظر عودتنا ليفرح بنا، والرب يقول: السماء تفرح بخاطئ يتوب أكثر من 99 صديقا يبقون في البيت، دعوة لنا جميعا نحن الخطأة لنعود إلى بيت أبينا وإلى طاعته ونحقق وصاياه في حياتنا وهذا هو معنى الصوم".
أضاف: "وصل الإبن لبيت أبيه فقال للخدم ألبسوه القميص، أي ردوا له اعتباره، ضعوا في رجله حذاء وخاتم في يده عاد ابن قال له أنا خطئت في السماء وأمامك. الإبن الأكبر كان في الحقل لما وصل بدل أن يفرح بعودة أخيه كانت ردة فعله أنه حرد ولم يرد الدخول. هذا أيضا وضعه صعب، قال لأبيه أنا خدمتك كل حياتي لم تعطني جديا أفرح به مع أصدقائي أما إبنك هذا، ولم يقل أخي، تفرح به كل هذا الفرح. فقال له: يا ابني أنت معي في كل حين وهذا أخوك يجب أن نفرح لأنه كان ميتا فعاش وضالا فوجد. أعاد الأخوة إلى بعضهم، لأنهم لم يعودوا إخوة. وهنا ندرك أننا مدعوون كمسيحيين في زمن الصوم هذا، أن نعود إلى ربنا وأن نتصالح مع ربنا وإن تصالحنا مع ربنا نتصالح بعضنا مع بعض، لأن ربنا يقول لنا أنتم إخوة".
وأردف مطر: "هذا في الكنيسة، أما مع إخواننا في الوطن فالقصة هي ذاتها، نحن مفروض فينا أن نعود كلنا إلى لبنان، هذا الوطن العزيز الوديعة بين أيدينا جميعا، كلنا تعبنا من أجله، كلنا ضحينا في سبيله. هذا الوطن هو سقفنا فيه نعيش معا، نعود إليه ونعود بعضنا إلى بعض، فنصفي النوايا ونعقد الخناصر ونقول تعالوا نبني وطننا من جديد. كنا يوم أمس في دير القمر وأقيم قداس برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي نشكره على هذه المبادرة، فأقيم قداس احتفل به راعي أبرشية دير القمر المطران مارون العمار وكنا حاضرين معه، على نية شهداء الجبل ولا سيما الذين سقطوا في ظرف معين من المسيحيين، لكن المطران العمار ذكر كل الشهداء. وكان عنوان القداس التوبة والمغفرة. الذين يعرفون العربية جيدا يعرفون أن كلمة توبة تأتي من فعل آب، يؤوب، اي رجع. إذا هناك عودة، عودة إلى لبنان وعودة بعضنا إلى بعض. نغفر ونستغفر لأننا أهل غفران، نتطلع سوية من جديد نحو مستقبل زاهر يكون لنا جميعا. طبعا الموضوع جلل فيه صعوبات كثيرة، لكنه يستأهل منا جميعا، كل الإنتماء وكل الحب".
وتابع: "نحن لسنا غرباء في هذا الوطن، ونحن وأخواننا في هذا الوطن، نحن أخوان في الإنسانية أولا، في الوطنية ثانيا وفي الحياة ثالثا. أذكروا ماذا جرى في أبو ظبي، عندما وقع البابا فرنسيس على أرض الجزيرة العربية مع شيخ الأزهر هذه الوثيقة الكبرى الجليلة، تقول نحن إخوة في الإنسانية. كنا نقول نحن نظراء يعني نشبه بعضنا اليوم. نقول نحن إخوة في الانسانية، ويجب أن نستعيد هذه الأخوة في ما بيننا لنبني للعالم مستقبلا جديدا. الدعوة لنا جميعا أن نلتقي في بيت الأب الذي خلقنا من طينة واحدة. هذا هو معنى التاريخ ولهذا لبنان وطن ثمين لأننا نعيش فيه هذا التقارب بين الأديان، يوما بيوم على الرغم من كل الصعوبات، ولكن كل هذه الصعوبات تمحوها المحبة والغفران والفرصة الجديدة".
وسأل: "أليست المسيحية هي ديانة الفرصة الجديدة؟ بعد أن خطئنا، جاء الرب يسوع ودفع دمه ثمن خطيئتنا، وقال: أخلقكم من جديد بالعماد، كل واحد منكم إنسانا جديدا. ديننا أن نلتقي الواحد بالآخر بفرصة جديدة. لبنان سيعود وربنا يعطينا فرصة جديدة، لهذا الجيل. وأنا أفرح كل الفرح،إننا على مدى 22 سنة وكان عندنا 75 كنيسة مهدمة أو متضررة، أعدنا البناء وصار عندنا 90 كنيسة جديدة في أبرشيتنا التي هي جزء من الشوف وكل قضاء عاليه وثلاث أرباع قضاء بعبدا ونصف المتن الشمالي والعاصمة بيروت. وانا أفخر بأن قضاء عاليه كله في أبرشية بيروت وهذه كنيسة جديدة وهي علامة إيمان ومحبة. وهنا أحيي كفرعميه العزيزة والتي كنا نزورها بتواتر أيام الخوري الياس أبو موسى رحمه الله، إنها البلدة الاولى التي رجعت في قضاء عاليه وكان فعل إيمان كبير بربهم وبوطنهم وعمروا كنيسة السيدة والآن كنيسة مار يوسف، نشكر الله على أن كنائسنا عادت وكل كنائس البلدات المجاورة وهي علامة لإيمانكم بالرب وثقتكم بمستقبل لبنان الذي يبنى بالإيمان أولا، بالروح المسيحية، بالأخوة وتبادل الخير بين بعضنا البعض. لبنان سيكون الأساس في عودة المنطقة إلى إنسانيتها والحجر الذي رذله البناؤون صار رأسا للزاوية. نحن أهل شركة ومحبة، نحن نجدد محبتنا بعضنا لبعض وعودتنا بعضنا لبعض ومحبتنا لهذا الوطن العزيز الغالي لبنان".
وختم مطر: "أتمنى لكم صوما مباركا وأن نكون يوم العيد الكبير أهلا لأن نستقبل أنوار المسيح القائم من الموت في حياة جديدة يعطينا إياها. كان الله معكم باسم الاب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين".