#الثائر
من صحافتهم تعرفونهم، هذا ما نخلص إليه مع أي استحقاق أو مناسبة، إقرأ الصحف وتنقل بين المواقع الإلكترونية، لتعرف أنك محاصر بإعلام "يشاغب" ليس لمصلحة الناس، ولا من أجل قضاياهم وتحقيق أمنهم الاجتماعي والاقتصادي، ولا لمصلحة لبنان الواحد الموحد، ففي لبنان ثمة طيف واسع من التيارات والقوى السياسية، وثمة أيضا انقسام بين مشروعين في المنطقة وبين محورين في العالم، أو ثلاثة إذا ما نظرنا إلى "المارد الصيني" كقوة اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية عظمى.
من أسعفه حظه - السيء طبعا - وتوقف عند أبرز التحليلات حول زيارة وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو لبيروت، بالتأكيد يواجه اليوم صدمة، ولا سيما تلك المندفعة في استنتاجات من قبيل "موقف أميركي كبير"، و"أميركا تضيق الحصار على (حزب الله) وإيران)"، و"بومبيو يتوعد"، وما إلى ذلك من مفردات وتوصيفات يشتم منها الترحيب بالسياسة الأميركية في المنطقة، أما الإعلام المحلق في فضاء المقاومة فكان أكثر اندفاعا من "حزب الله" الهادىء والمتوقع لكل هذا الصخب.
في الولايات المتحدة الأميركية ثمة إعلام مقرب من الرئيس الأميركي وآخر معارض، لكن في حدود لا تفقد الإعلام فسحة معقولة من مصداقية، ومثل هذا التوصيف السريع لا يلغي أن ثمة إعلاما محكوما بسقف مصالح متصلة بالتمويل، لكن أيضا في ظل هامش من موضوعية، خصوصا وأن الإعلام في الغرب سبقنا في مجال الصحافة الاستقصائية، ونحن لا نزال نطري و"نساير" حتى فقدنا الثقة بمعظم المنصات الإعلامية المحلية.
وبعض إعلامنا اندفع في التحليل فرأى أن ثمة قرارا أميركيا وصفه بـ "الكبير"، ويتمثل باستعادة الساحة اللبنانية من إيران، ولا ما يمنع من وضع "البيض" كله في السلة الأميركية، وكأننا لم نتعلم كيف أن الولايات المتحدة تستخدم حلفاءها وتتركهم "مشلَّعين" في وجه العواصف الهوج، وثمة في لبنان من راهن على الأميركي ودفع الثمن، ومن المفيد التذكير ما قاله يوما الرئيس الراحل شارل حلو من أنه بدأ يفكر، وبما معناه، أن كريستوف كولمبوس أخطأ في اكتشاف القارة الجديدة.
لا نراهن على إيران ولا على الولايات المتحدة، وندعو الجميع للانضواء تحت سقف خطاب واحد والمراهنة على لبنان، فقط على لبنان، خصوصا وأن التهديات الأميركية لا تصرف في أي مكان وسط كل هذا التناحر الدولي من أجل السيطرة على مقدرات وثروات الشعوب، ومن ينتظر دعما لإنهاء سلاح المقاومة، نقول له أن لبنان بحاجة إلى هذا السلاح، وامتلاكه ليس ترفا، ونفهم بعض التحفظات، لكن أيا كانت الذرائع لا شيء يمنع من بلوغ تسوية تحمي لبنان، وهنا، على الإعلام أن يساهم في بلورة مثل هذا الخطاب!