#الثائر
– أنور عقل ضو
في مَا أعلنه وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو من فلسطين المحتلة، يمكن التأكيد من الآن أنه سيغادر لبنان خالي الوفاض، لا بل سنراه بعد يومين يرتقي طائرته عائدا إلى بلاده يجرجر أذيال الخيبة، والهزيمة أيضا، لِــمَ لا؟ وستكون جولته اللبنانية مجرد سياحة لا أكثر، وفرصة للتعاوف مع مسؤولين لبنانيين، يمكنه إضافتهم لاحقا على قائمة معارفه على وسائل التواصل الاجتماعي إن قبلوا دعوته للصداقة!
لا بد من كلام واضح وصريح، وأبعد من حدود لبنان، لم تتعلم الإدارة الأميركية من دروس وعِبر الماضي، منذ "كامب ديفيد" إلى اليوم بأن المنطقة عصية على أهدافها، خصوصا وأنها ارتضت أن تكون تابعا لإسرائيل في أهدافها، وإذا كانت بعض الأنظمة العربية مندفعة باتجاه التطبيع مع تل أبيب، فهذه الأنظمة أوهى من أن ترفد الولايات المتحدة بأي دعم، لا في الماضي ولا اليوم، وستظل إسرائيل في عزلة طالما ارتضت التوسع على حساب شعوب المنطقة، ضاربة عرض الحائط المواثيق الدولية.
وما قاله بومبيو في إسرائيل يؤكد ما أشار إليه الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه غارودي في كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" حول الدعم الذي تتلقاه مادياً ومعنوياً وسياسياً وعسكرياً من الولايات المتحدة، للتغطية على عنصريتها وجرائمها، فضلا عن أن غارودي لفت أيضا إلى أن لرئيس وزراء إسرائيل سلطة على الولايات المتحدة أكثر من سلطته على بلاده، ومن هنا، يمكن أن نفهم ما أدلى به من تصريحات تدعو الى التأهب والاستنفار، وإعرابه عن الأسف لتساهل الإدارة الأميركية السابقة في مَا وصفه كبح جماح "حزب الله"، وأعلن من تل أبيب أنه حان الوقت لكي تعترف واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.
ومن هنا، بات واضحا أن زيارة بومبيو لبيروت تُقرأ من تل أبيب، وبات واضحا أكثر أن الرد الأمثل على ما سيتحفنا به الوزير الأميركي في بيروت، يظل متمثلا في الزيارة المقررة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى موسكو، دون أن يعني ذلك أن لبنان سيحلق في مدارات مصالح القوى العظمى، لكن بما يشي بأن للبنان مصالحه الخاصة أيضا، في أن يكون بعيدا من تراصف القوى الإقليمية والدولية في حدود نتمنى ألا يتم تجاوزها، لا من قبل بومبيو ولا من إسرائيل في إعلان مزارع شبعا والغجر أراض إسرائيلية، وهنا لا يعود ثمة فائدة من حياد لبنان، على قاعدة أن لكل مقام مقال.
أما الرسالة الأبلغ فقد عبر عنها الرئيس عون في حديثة لوكالة "سبوتنك" عشية زيارته الى موسكو، قائلا: "الحصار على حزب الله يصيب كل اللبنانيين".