#الثائر
" – أنور عقل ضو
كيف يمكن أن نُطمْئِنَ الإدارة الأميركية وإيصال رسالة لمبعوثها في الشرق الأوسط وزير خارجيتها مايك بونبيو بأن التهويل بإعداد قائمة عقوبات جديدة ضد " حزب الله " لن تجدي نفعا، لا في الماضي نفعت ولا في المستقبل ستخدم تطلعاتها، فقد ولى زمنٌ رهَن فيه التاريخ منظرو الرأسمالية بالنموذج الأميركي من فرنسيس فوكويونا (نهاية التاريخ) إلى صموئيل هنتنغتون (صراع الحضارت) وصولا إلى غلاة اليمين المتطرف.
قمة الوقاحة والصفاقة أن يتحدث الأميركيون اليوم عن " إرهاب حزب الله "، ألا يعتبر ذلك نوعا من التعمية؟ إن لبنان أحيا منذ يومين ذكرى أحباء قضوا في مجزرة قانا، هذه الجريمة التي استهدمت المدنيين اللبنانيين في 18 نيسان/أبريل 1996 في مركز قيادة فيجي التابع لقوات "اليونيفل" في قرية قانا جنوب لبنان، يوم قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه هربا من عملية "عناقيد الغضب" التي شنتها إسرائيل على لبنان.
كل تاريخنا مجازر ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الأبرياء، في كل بلدة جنوبية ارتكبت مجزرة، وهل ننسى يوم استهدفت سيارة إسعاف في بلدة المنصوري في 13 نيسان/أبريل من السنة عينها وقضى فيها أطفال ومواطنون أبرياء؟ يومها لم يكن "حزب الله" يمتلك ترسانة صواريخ ولا أسلحة نوعية، فماذا فعلت الإدارة الأميركية لحماية لبنان؟
في ظل المعادلة الأميركية اليوم، يبدو واضحا الولايات المتحدة تغاضت وتتغاضى عن "إرهاب الدولة" لتصف نضال اللبنانيين بـ "الإرهاب"، ولا تعلم أن نضال اللبنانيين و"حزب الله" جزء أساس من النسيج الوطني اللبناني، وعلى بومبيو أن يدرك جيدا أن السلاح في مواجهة إسرائيل خط أحمر، ويجب أن يسمع من المسؤولين كلاما واضحا من أن الخطر المحدق بلبنان والمنطقة يتمثل بإرهاب الدولة، و"حزب الله" هو نتيجة لهذا الإرهاب، وعليه أن يعلم (أي بومبيو) أن مقاومة إسرائيل لا تنحصر بفريق واحد من اللبنانيين، وثمة شهداء من كل الطوائف قضوا في مواجهات بطولية، وثمة مناضلون ومن كل الطوائف أيضا لن يبخلوا بدمائهم ذودا عن لبنان.
نعم سيد بومبيو لدينا مواقف من "حزب الله" كما لدينا مواقف من سائر القوى السياسية المستأثرة بزمام السلطة، وهذا شأن لبناني نحله في مَا بيننا، ومع العقوبات يصلب عودنا وتقوى عزائمنا، وإن كانت ثمة اعتبارات لدى السياسة الأميركية حيال التحالف مع إيران، فهذه مشكلة تندرج في حرب التوازنات الإقليمية والدولية، وهي مشكلة أكبر من لبنان ومن "حزب الله"!