#الثائر
دعوة أمين سر "تكتل لبنان القوي" النائب إبراهيم كنعان أمس للعمل كفريق حكومي واحد للعودة الآمنة للنازحين، تمثل مطلبا لا بد من تحقيقه اليوم قبل الغد، وليس في مَا يتعلق بملف النازحين السوريين فحسب، وإنما في مجمل القضايا العامة وعلى مستوى سائر الأزمات الحاضرة، ولا سيما منها تلك التي تحتاج لسقف توافقي في حده الأدنى، إذ لم يعد من المقبول أن تعيش الحكومة تصدعات تعبر عن نفسها تراشقا إعلاميا وتسريبات تساهم في تأزيم الخلافات بدلا من استيعابها وتجاوزها.
في الأزمة الأخيرة الماثلة إلى الآن، أي تلك المتصلة بزيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب إلى سوريا، ومع ما أعقبها من مواقف، تخطت هذه الأزمة إشكالية متصلة بالعلاقة مع سوريا، فالموضوع أكبر وأكثر تعقيدا، فإذا كانت رئاسة الجمهورية تمثل رمزية خاصة للموارنة خصوصا والمسيحيين بشكل عام، فكلنا يذكر أن ثمة انتقادات طاولت من حاولوا في مراحل سابقة التطاول على هذا الموقع، وكذلك الأمر بالنسبة للرئاسة الثانية وما تمثل بدورها من موقع ودور على مستوى الطائفة الشيعية.
وإذا كان من غير المسموح التطاول على الرئاستين الأولى والثانية، فهل مقبول أن يكون ثمة تطاول على صلاحيات الرئاسة الثالثة؟
من هنا، لا تقتصر المشكلة الأخيرة على وزير مارس صلاحياته دون إجماع وموافقة مجلس الوزراء ودون علم رئيسه فحسب، وإنما جاءت خطوة الوزير الغريب لتنتقص من دور وموقع الرئاسة الثالثة، وفي مكان ما، لا نستبعد أن يكون ثمة من حاول "دق إسفين" يؤسس لخلافات من خاصرة العلاقة مع سوريا، خصوصا وأن العلاقات ما تزال بحاجة لمزيد من الوقت لتأخذ مسارها الصحيح والضروري، وأي تسرع في هذا المجال يعني حرق مراحل، وهذا لا يفضي لما هو مطلوب، خصوصا وأنه صار لزاما العمل على تحقيق عودة العلاقات بما يحترم خصوصية البلدين.
في لبنان، لا يمكن القفز فوق الاعتبارات الطائفية طالما أنها تشكل بعض روحية الدستور، وإذا كان المطلوب اليوم التناغم والتكامل بين الرئاسات الثلاث، فإن المطلوب أيضا أن تكون الحكومة حاضرة كفريق عمل واحد، والرئيس الحريري بنى على الشيء مقتضاه في مَا اتخذه من قرارات ومواقف، موجها أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه مفادها أنه من غير المسموح التطاول على صلاحياته، وتاليا على صلاحيات الحكومة، ومن هنا على سائر القوى أن تراعي خصوصية الواقع اللبناني، كي لا تأخذنا السجالات إلى ما لا يتمناه اللبنانيون!