#الثائر
فاجأنا مستشار الرئيس الحريري النائب السابق عمار حوري أمس في رده على مدير عام المالية آلان بيفاني، معتبرا أن هناك "محاولات لشيطنة الحريرية السياسية"، دون تعريفنا نحن السذج بماذا يقصد بـ "الحريرية السياسية"، فهل هي مذهب فلسفي أم تيار فكري؟ أم هي نظرية اقتصادية أو أي شيء آخر لا نعرفه؟
نقول هذا الكلام ونحن لم ننظر يوما إلا بعين التقدير وهالة الاحترام للرئيس الشهيد رفيق الحريري ، لكن الموضوع أبعد، ومشكلتنا في لبنان اليوم أننا نطلق مصطلحات ومفردات لا نعي مدلولاتها، وهذا ما يؤسس لعدم فهم واضح لكل ما يواجهنا على مستوى "العقل الجمعي" اللبناني، وهذا ما يفسر أننا في أحيان كثيرة، وفي مقاربتنا لواقعنا السياسي في بعض تجلياته الصادمة نصبح تماما مثل "الأطرش في الزفة"، ويعصى علينا الفهم ونبتلي بسوء التقدير.
ولم يدرك النائب السابق حوري، إذا سلمنا جدلا أن ثمة "حريرية سياسية"، أن من يدمر ويشوه اليوم هذه "الحريرية" هم "الحريريون" أنفسهم، وإذا استلهمنا بعض مأثورات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومنها أن ليس هناك من هو "أكبر من بلدو"، فسنجد أن الوقائع بينت خلاف ذلك، وبدا في مكان أن الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة أكبر من بلده، ولا ندخل هنا في سجال يفترض أن يحسمه القضاء، ولا نتقصد الإساءة لرمزية الموقع، لكن في الملفات الكبيرة لا تعود ثمة رمزية وتسقط في حدود بعيدة هالة المسؤولية.
كما أننا لا نعرف على وجه التحديد إن كانت "الحريرية السياسية" مذهبا سياسيا يمثل فئة من اللبنانيين، وهنا أيضا ثمة من يدمر هذه "الحريرية"، فالرئيس الشهيد خاض غمار السياسة بعيدا من زواريب الطوائف، إلا في حدود ما كان يمليه وما يزال النظام الطوائفي التحاصصي، لكن بعد الـ 11 مليار دولار تبين أن "الحريرية السياسية" تحدد سقوفها مراجع روحية، وتضع خطوطا حمراء تعزز القناعة بأن التيار الحريري التوجه، هو ملكية حصرية لطائفة، وإن زين ببعض المواقع بـ "خلطة لبنانية"، وهذا ما لا ينسجم أبدا مع مسيرة الشهيد رفيق الحريري.
نتفق مع النائب حوري في قوله ان "موضوع الفساد الذي يغرق به الكثيرون على القضاء وضع اليد عليه، هو بمعظمة ينتسب إلى فرقاء سياسيين يدعون العفة اليوم ويدعون النزاهة والإستقامة"، وهذا صحيح، وهنا، كان جديرا بـ "تيار المستقبل" أن يقدم نموذجا مغايرا لمفهوم وثقافة الخطوط الحمر، وإن كان الرئيس السنيورة يملك من المعطيات ما يحاصر به خصومه فكان الأجدى أن يقدمها للقضاء المختص، وبذلك يكون قد ساهم في ولوج مرحلة جديدة تعزز الشفافية وتحاصر سائر الفاسدين الذين أشار إليهم حوري.