#الثائر
المشهد واضح، لا يختلف اثنان على أنه ضبابي، وهذا ما يؤرق، كأن يصيرَ الظل أشد وضوحا من الأصل، وما نعيشه في هذه اللحظة يؤكد كم غاص لبنان في قيعان مظلمة، فيما لا نتلمس إلى الآن أملا قابلا للحياة، تماما مثل براعم لن تتفتح وعصية على الإزهار وبعيدة ثمارها، وهذا حالنا اليوم، فلا ينسل شعاع من شمس الأمنيات البعيدة ليرفد دمنا بنذر يسير من أسباب الحياة لنواجه عثرات الأيام.
نقول هذا الكلام لأن ما لفت انتباهنا في الساعات الأخيرة الماضية، التأكيد على أن الحكومة ستمضي وفق خارطة طريق واضحة المعالم لمقاربة مختلف الملفات الحيوية التي ينتظرها المواطن اللبناني، بحسب ما أشارت مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري ، وهذا يعني في مكان ما أن الحكومة بدأت بالمراوحة ومستمرة، فـ "التأكيد" عادة، وفي الأعراف اللبنانية المستجدة، يساوي عدم اليقين، ويُقصد منه عادة التطمين، وحتى أننا نقول أيضا، لا يحسد الرئيس الحريري على "التقليعة" المتعثرة لحكومته.
ومن هنا، لا نعلق آمالا كبيرة على ما نقلته مصادر حكومية لجهة أن ثمة توجّها جدّيا لعمل حكومي كثيف خلال المرحلة المقبلة، مترافقا مع إعداد سريع لموازنة العام 2019، ومع التحضيرات التي يجري استكمالها لملاقاة تقديمات مؤتمر "سيدر" في فترة زمنية قريبة، فالوقائع تشير إلى خلاف ذلك، وتشي بما هو أصعب، وما المواقف الأخيرة المعلنة حول أزمة ملف النزوح السوري إلا عينة أولى لما ستكون عليه سائر الملفات، في غياب الحد الأدنى من التضامن الحكومي، ومن حقنا أن نسأل: كيف سيكون الحال إذا ما فُتح ملف الكهرباء؟ وهل سنتمكن من مواجهة ملف الفساد أم أننا سنكون أمام فصل جديد من خلافات لا تبقي ولا تذر؟
في هذه العجالة، لا بد من توضيح مسألة ضرورية بعد ما شهدنا من تعثر وعثرات، والقول جهارا نهارا، أن على جميع القوى السياسية أن تكون منضوية تحت سقف رئاسة الجمهورية، وكل هذا الصخب يجب أن يكون سقفه واضحا، فبعد اليوم لن نكون في منأى عن مخاطر قد تكون مكلفة سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
عادة، تخلق المؤسسات والجمعيات برامج عمل ليتلهي أعضاؤها بالعمل بعيدا من المشاحنات "واللعب على بعض"، أما في حال الحكومة اللبنانية، فالأمر مختلف، فبرنامجها حافل بعقد وألغام، ويساورنا قلق من أن تتعطل أمور البلد، لنجد أنفسنا أمام حقيقة صادمة، كأن تكون حكومة "إلى العمل"... بلا عمل!