#الثائر
مع إثارة قضية الزواج المدني الاختياري من قبل وزيرة الداخلية ريا الحسن في حديث لـ "يورو نيوز" بأنها "شخصياً تحبذ ان يكون هناك إطار لزواج مدني"، وأنها "ستسعى لفتح الباب لحوار جدي وعميق حول هذه المسألة مع كل المرجعيات"، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي واستنفرت بعض المرجعيات الروحية، علما أن هذه القضية لا تمس الطوائف ولا داعي لكل هذا الهلع، طالما أن الأمر متروك للمواطن ليختار دون وصاية روحية.
لم يصل الأمر إلى حد طرح قانون موحد للأحوال الشخصية وهذا هو المطلوب على المدى البعيد، قانون يراعي ويأخذ في الاعتبار مسألة التنوع وحفظ حقوق المواطن أولا وأخيرا، ولذلك نستغرب كل هذه الضجة وتصوير الأمر وكأنه تهديد لطائفة أو مذهب، علما أن المستهدف من عدم إقرار الزواج المدني الاختياري هو المواطن مع استمرار المسرحية المعهودة لجهة اضطرار بعض اللبنانيين للسفر إلى قبرص أو أي دولة أوروبية لإجراء عقود زواج معترف بها من السلطات اللبنانية.
نعم المستهدف اليوم المواطن، وسجنه في نطاق ضيق وإبقائه تحت وصاية الطائفة والمذهب، بعيدا من عدالة الاختيار، خصوصا إذا قرر اثنان من طائفتين مختلفتين أن يقترنا، ولا أحد منهما يريد التخلي عن ديانته، وهذا يعني أن الزواج المدني الاختياري بات حاجة لا يمكن توصيفهما بأنها مدعاة قلق للمحاكم المذهبية، ومع ان الوزيرة الحسن لم تفعل سوى انها وعدت بالسعي لفتح حوار عميق وجدي، اشتعلت مواقع التواصل بعدد هائل من المواقف بين مرحب وبين معترض لأسباب دينية معروفة لدى الطوائف الإسلامية والمسيحية، ما أعاد الى الأذهان معارك إعلامية لم تهدأ بعد بين خصوم الزواج المدني ومؤيديه، وسبق للرئيس الراحل الياس الهراوي إثارته في إحدى جلسات مجلس الوزراء، لكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وضعه منذ ذلك الحين في ادراج مجلس الوزراء، ولم يخرج سوى قبل عامين عند صدور قرار عن وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق اعتبره اختيارياً، بناء لاحكام قضائية.
اللبنانيون ليسوا قصّرا، وهم يغتنون بقيمهم الدينية والروحية، وإنما تلك القائمة على الانفتاح والحوار والتكامل، لا التعصب والتقوقع، و الزواج المدني الاختياري لا يلغي هذا التنوع ولا يمس المقدسات إذا أخذنا في الاعتبار أن المطلوب أولا وأخيرا احترام القيم الإنسانية وحرية الفرد، ومن هنا يصبح الزواج المدني ضرورة إنسانية لتكون ثمة عدالة في الاختيار!