#الثائر
أخيرا، وبعد صولات وجولات النواب ومهاراتهم الخطابية، نالت الحكومة الثقة بأغلبية 110 نواب في مقابل 6 نواب حجبوا الثقة من أصل 116 نائبا حضروا الجلسة، وكانت مهمة شاقة بعد مناقشة البيان الوزاري للحكومة التي استمرت على مدى ثلاثة أيام وتحدث فيها 54 نائبا، وكارثية على الناس وقد صُدموا بحجم الفساد والفاسدين، وصُدموا أكثر بأن بعض الخطابات المتسرعة قادرة على استعادة أجواء الحرب الأهلية، وصُدموا ثالثا بأنهم تابعوا صوتا وصورة من أولوهم ثقتهم العمياء لمجرد أن اختارهم الزعيم، ما يعني أن الخطأ في الاختيار سيتحملون نتائجه أربع سنوات متتالية، إن لم يجدد المجلس العتيد لنفسه، وفي لبنان كل الخيارات واردة.
ومع نيل الحكومة الثقة، لا بد من الآن أن ينصرف الجميع "إلى العمل"، وأولى المهام وقف الفاسدين والتحقيق بما جاد علينا به نواب الأمة من معلومات عن فضائح وسرقات بالملايين والمليارات (دولارات أميركية خضراء)، وهذا ما كنا على ثقة أنه حصل، لكن أن يعلن ذلك نواب الأمة، فذلك يضفي الكثير من الموثوقية على قاعدة أن ما من مسؤول يلقي التهم جزافا إن لم يكن لديه بينات وقرائن وإثباتات، فضلا عن أن ما أثير يفترض أن يكون بمثابة إخبار ليبنى على الشيء مقتضاه، وإلا فلا أمل يرتجى بحكومة، مع عمل أو بدونه.
نالت الحكومة الثقة بأغلبية قياسية لا تشي بأن ثمة خلافات أخّرت تشكيلها ثمانية أشهر ونيف، ومثل هذا الأمر لا يحدث إلا في لبنان، متفردون نحن بنظامنا الديموقراطي، ويُخشى علينا حسدُ الحاسدين، وما نظنه نظاما ديموقراطيا هو ليس بأكثر من "خبصة" ديموقراطية، وهذا إن دل على شيء فعلى تناغم نراه ضروريا بغض النطر عن الشكل، لأننا ندرك أن البلد لا تقوم له قائمة بغير التوافق وأن الديموقراطية شعار لتزيين الواقع، لزوم عدة الشغل لا أكثر.
لا ينتهي المطاف عند هذا الحد، الآن بدأ التحدي الحكومي، فثقة النواب لا تغير شيئا في المعادلة، والمطلوب اليوم أن تنال الحكومة ثقة الناس، ولا ثقة دون البدء بمواجهة الفساد، شريطة أن يرفع كل فريق سياسي الدعم عن فاسد ينتمي إليه أو فاسد محسوب عليه، عندها فقط نتيقن بأن الأمور سلكت طريقها الصحيح، وإلا سيسجل للنواب الذين امتنعوا عن إعطاء الثقة (سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش، جميل السيد، بولا يعقوبيان وأسامة سعد) أنهم كانوا على صواب في حجبها، لنترقب، فالمياه وحدها "تكذب الغطاس"!