#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
طالما ارتضى اللبنانيون المصالحة سبيلا وحيدا لاستعادة الدولة، ولترسيخ سلمهم الأهلي، فعلى الجميع التعالي فوق جراح الماضي، وعدم مقاربة الحاضر بالاستناد إلى ماض مضى، وكنا فيه جميعا وقودا لحروب الآخرين على أرضنا، وهذا أقل الإيمان كي لا نخسر المستقبل ونشوّش الحاضر، وكي نترك شهداء حروبنا الداخلية يرقدون بسلام، خصوصا وأن ليس ثمة فريق لم يتلوث بالدم وكل موبقات الحروب العبثية.
من هنا، فإن أي كلام يستحضر الماضي ويستفز الحاضر مرفوض، وإذا لم نتمكن من صياغة كتاب تاريخ موحد حتى الآن، فلا يعني ذلك أن نكيل الأمور اليوم بمكاييل ما عادت تصلح في بناء وطن بعيدا من التباسات حقبات الحرب، والمفترض أنها طويت إلى غير رجعة، ولا بد من يكون التركيز في هذه المرحلة وما بعدها، ودائما، إلى فضاء المحبة والتعايش كنمط حياة لا يعكره حدث غابر.
ما شهدنا في إحدى جلسات مجلس النيابي واستهداف رئيس الجمهورية الشهيد بشير الجميل ، يأتي مخالفا لمنطق المصالحة، ونتج عنه ردود فعل وتساجل أعادنا سنوات إلى الوراء، ولكن المشكلة ليس في أن يخطىء المرء في ذروة انفعال، وإنما في عدم تدارك الخطأ انطلاقا من تبني ثقافة الاعتذار، وهذا أمر غير قابل للمساومة، فمن يعتذر عن خطأ ما، فبالتأكيد يتصرف بفروسية ويكون متبنيا أصلا لقيم وطنية ترسخ الوحدة الوطنية نهج عمل لا مجرد كلام فحسب.
ومن هنا، ننظر بكبر وتقدير إلى ما قاله بالأمس رئيس كتلة "المقاومة والتحرير" النائب محمد رعد ، في خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري، من أن الكلام الذي قيل بالأمس صدر عن انفعال شخصي عن أحد إخواننا (النائب نواف الموسوي)، وتجاوز الحدود المرسومة للغتنا المعهودة في التعبير عن الموقف، وأستمحيكم عذرا، وأطلب باسم كتلة "الوفاء للمقاومة" شطب كلامه من محضر الجلسة"، فبادره الرئيس بري: "مع الشكر الجزيل، أصلا الرئاسة شطبته وشكرا".
وسبق كلام رعد اجتماع عقد في المجلس النيابي مع بدء الجلسة بين نواب القوات والكتائب والتيار خارج القاعة، ومن ثم نقل النائب آلان عون اجواء الاجتماع لنواب كتلة الوفاء للمقاومة داخل القاعة، وتم البحث في ما حصل حول كلام الموسوي وردود الفعل حوله.
لا يسعنا في هذا السياق، إلا أن نحيي " حزب الله "، فقد أكد أن ثقافة الاعتذار مطلوبة لنلاقي أزماتنا بوحدة وطنية صلبة، ونحيي كذلك كل من ساءهم قول النائب الموسوي ولم يندفعوا باتجاه توظيف ما قيل بأكثر مما يحتمل واعتباره مجرد زلة لسان.