#الثائر
من الغريب أن نسمع أن ثمة "قلقا" أوروبيا على لبنان، وأن يكثر الحديث أيضا عن قلق تعبر عنه جهات ومؤسسات دولية متصل بهواجس مرتبطة بالواقع الاقتصادي والمالي، فيما لا تساور المسؤولين اللبنانيين أية مشاعر قلق بعد أن دخل لبنان الشهر التاسع دون حكومة، وكأنهم محصنون بجيناتهم الوراثية ضد القلق، وهذا ما يقلق فعلا!
مناسبة هذا القول ان أحدا لم يبدِ اهتماما أو "قلقا" حيال البيان الذي أصدرته بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، بعد زيارة سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن للرئيس المكلف سعد الحريري في "بيت الوسط"، خصوصا في تأكيده ان "الغياب المستمر للحكومة بدأ يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي للبنان وعلى حياة الكثير من اللبنانيين"، علما أن المعنيين مفترض أنهم وصلوا إلى مثل هذا الاستنتاج ولم يعملوا لتلافي الأسوأ سياسيا اقتصاديا.
ما تجدر الإشارة إليه أن هذا البيان جاء بمثابة ضغط أوروبي جديد لحث اللبنانيين على تشكيل الحكومة، خصوصا وأن مصادر سياسية مطلعة ربطت بين ما تردّد عن تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت، وبين تشكيل الحكومة ، وبحسب هذه المصادر المقربة من قصر الإليزيه، فإن "الرئيس الفرنسي سبق ان أبلغ لبنان انه لن يزور بيروت قبل ان تتشكل الحكومة، وهذا منطقي وفقا للأعراف والعلاقات بين الدول، خصوصاً وأن وزراء سيرافقون ماكرون وسيتم توقيع اتفاقيات، وهذا لا يمكن ان يحصل بوجود حكومة تصريف أعمال".
وفي السياق أيضا، لا يمكن لزيارة الرئيس الفرنسي أن تكون مجرد زيارة شكلية، ففرنسا تنتظر ولادة الحكومة اللبنانية لتنطلق إلى المرحلة الثانية من مؤتمر "سيدر"، أي مرحلةِ وضع المشاريع موضع التنفيذ بعد قيام لبنان بالإصلاحات المطلوبة، وبالتوازي تمكنت لقاءات باريس الحكومية من تحريك الملف الحكومي من جديد، لكن دون توقعات بأن نصل إلى ما يطمئن اللبنانيين إلى أن إعلان الحكومة بات قريبا، فالأمور ما تزال منوطة باتصالات الرئيس الحريري وإمكانية إحراز تقدم في هذا المجال، وبات واضحا أنه إذا لم تنجح مهمة الرئيس الحريري فهذا يعني أن ثمة من يعرقل الحكومة، وهذا ما سيتكشف في الأيام المقبلة.
يبقى ما هو أخطر من عدم تشكيل الحكومة والتأخر في إعلانها متمثلا في غياب القلق الرسمي، ولا مشكلة طالما أن غيرنا يقلق عنا ويقلق علينا، ونحن مرتاحون إلى أننا مأزمون ومحكومون بتصريف الأعمال، وكأن لا شيء يدعو للقلق!