#الثائر
ساد في اليومين الماضيين جو من الامتعاض مع ما رافق التحضيرات للقمة الاقتصادية العربية في بيروت من مواقف بعيدا من منطق الدولة، ما أعاد إلى الأذهان زمن الدويلات، وكأن صفحات الحرب لم تُطوَ إلى الآن، باستثناء أن ليس ثمة جبهات قتال وخطوط تماس، وليس ثمة أيضا شريف الأخوي على "إذاعة لبنان" يرشد المواطنين إلى الطرق الآمنة والسالكة، وتلك المحفوفة بالأخطار بسبب حواحز طيارة تخطف وتقتل على الهُوية.
أمام هذا الواقع، يبدو أننا لم نحسن قراءة الدستور، فالشراكة تعني انخراط الجميع تحت سقف الدولة، لا أن يأخذ كل فريق حصة منها، ويبدو أيضا أن ثمة من يفهم الشراكة تقاسما، وحيال ذلك لا نستغرب أن يكون ثمة من هو "فاتح على حسابو"، وأن السيادة اللبنانية منقوصة، ولا نتقصد فريقا بحد ذاته، الكل في لحظة ما يكون متأهبا للتعبير عن تطلعاته خارج سقف الدولة والمؤسسات، والأمر لا يقتصر على حرق أعلام دولة ما في الشوارع، فالتعطيل كما شهدنا في السنوات الماضية وعدم القدرة على مواجهة الاستحقاقات الكبيرة هو شكل من أشكال المصادرة.
عدم القدرة على تشكيل حكومة يعني في المحصلة سيادة منطق الدويلات، تحويل الوزارات منصات حزبية هو شكل من أشكال التفرد والمصادرة أيضا، إدارة البلاد انطلاقا من مراعاة مشاعر كل مكون من مكوناتها على حساب وحدتها يندرج في سياق تكريس التقاسم بدلا من الشراكة، وفيما خص إحراق علم دولة عربية لم يكن بأكثر من حدث أحرق صورة لبنان في المنطقة والعالم، وليس حركة "أمل" من يحدد سياسة الدولة، فقمة التشرذم ألا تكون مؤسسات الدولة ناظمة لكل الأمور، وأن يُعبر عن قضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه بموقف رسمي لبناني، وبالتأكيد مثل هذا الموقف يكون له صدى أكبر.
ولا نستغرب حيال هذا الاستسهال في مواجهة مشاكلنا أن يتحول لبنان منصة لحرب ضروس بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران من جهة، وبين لاعبين لآخرين في المنطقة من جهة ثانية، وأن يتحول أيضا ساحة لتبادل الرسائل، وإزاء ذلك، لا نستغرب أن تصادَرَ إرادات اللبنانيين لصالح هذا المحور أو ذاك، ولا عجب إن علمنا أن لا شراكة فعلية بين اللبنانيين أنفسهم، وهذا ما يسهل مهمة الآخرين في تقاسمنا أيضا، أصدقاء وأعداء ومهما كانت التسميات!