#الثائر
جاءت مواقف وكيل وزير الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل في زيارته الأخيرة للبنان متناغمة ومكملة لمواقف وزير الخارجية مايك بومبيو خلال زيارة عدد من دول المنطقة، وما يعنينا في الشأن اللبناني أن الإدارة الأميركية تسعى إلى زج لبنان في أتون النار الإقليمية، وإلا كيف نفسر اندفاعة هيل وتوجيه رسائل "حربية" لإيران من بيروت؟ وهل يريد حشد قسم من اللبنانيين لمواجهة "النفوذ الإيراني" في المنطقة؟ ومن ثم هل في مقدور لبنان تحمل تبعات حروب قوى إقليمية ودولية وأن يكون جزءا منها وساحة من ساحاتها؟
وفي السياق، لا نعلم أيضا ما الغاية من توجيه السفير ديفيد هيل رسائل عدة خلال لقائه كبار المسؤولين اللبنانيين في بيروت، بدءاً من تقصده إعلانه وفي بيانه المكتوب من دارة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، واعتماده النبرة نفسها للوزير مايك بومبيو حيال إيران بقوله "سنطرد كل وجود عسكري إيراني من سوريا"، ومن ثم تشديده على أنه "غير مقبول وجود ميليشيا خارجة عن سيطرة الدولة" مع تسميته "حزب الله"، انتهاءً بتشجيعه "حكومة تصريف الأعمال على المضي قدما حيث يمكنها، على الصعيد الاقتصادي"، فضلا عن تكرار دعم الجيش والمؤسسات الأمنية.
ومن هنا نرى أن مواقف الولايات المتحدة الأميركية جاءت ملتبسة مع تحميل لبنان عبء حروبها وسياساتها وهزائمها، وأخذه إلى ضفة مصالحها دون مراعاة أن لبنان ليس بقادر على الانخراط في مواجهات إقليمية، فضلا عن أن موقف هيل من " حزب الله " يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي، فيما لم نسمع من أي مسؤول أميركي طوال نصف قرن انتقادا لإسرائيل التي احتلت ودمرت وارتكبت المجازر، لا بل دعما غير محدود وتبريرات لعدوانها على لبنان.
ومن جهة ثانية، فإن "حزب الله" لم يكن يوما في موقع المعتدي، واستطاع أن يقوض أحلام إسرائيل في السيطرة على لبنان ودول الطوق، وهذا ما يزعج الإدارة الأميركية التي لا ترى - تاريخيا - إلا مصالح صنيعتها وذراعها العكسرية، ولا تتقبل فكرة أن هذه الذراع شلت وعادت غير قادرة على ممارسة دور "الشرطي" في المنطقة.
وتأكيد هيل لبعض المسؤولين اللبنانيين أن قرار الانسحاب من سوريا لا يعني انهزام أميركا، يحمل في طياته رسائل أميركية "ملغومة"، القصد منها حث بعض القوى السياسية على رفع وتيرة التصعيد الداخلي مع "حزب الله" وحلفائه!