#الثائر
استوقفنا على محطة "أو تي في" ما ساقه بالأمس وزير السياحة أواديس كيدانيان حين أشار إلى أن حملة تلوث الشاطئ اللبناني تبدأ مع بداية الموسم السياحي وتقف وراءها شركات لا تريد الخير للبنان، أو شيء من هذا القبيل، وفي ذلك ما يجافي المنطق، ويطرح الكثير من الأسئلة حول مدى متابعة المسؤولين اللبنانيين لواقع بلدهم، خصوصا وأن تلوث الشاطئ أثبتته دراسات علمية موثقة من مركزين علميين الصيف الماضي، وكلاهما يتسمان بمصداقية، الأول "مركز البحوث العلمية"، والثاني "مركز الأبحاث العلمية الزراعية".
وما قاله الوزير كيدانيان طاول مصداقينا كإعلام مسؤول في مواكبتنا لتلوث الشاطئ والمناطق الساحلية، وفيه اتهام للإعلام بأنه جزء من مؤامرة تقف وراءها شركات عالمية تريد ضرب السياحة في لبنان والتسويق لبلدان أخرى، علما أن ما ننشره على موقعنا موثق بالصور ويستند إلى معاينات ميدانية ومدعم بآراء أهل العلم والاختصاص.
يؤكد المسؤولون اللبنانيون أن تلوث البحر قائم في أجزاء قليلة على امتداد الساحل اللبناني، وغالبا ما يتغنون بنظافة شاطئ صور، علما أن من يعبر مدخل المدينة تطالعه رائحة الصرف الصحي لعدم استكمال بناء وتشغيل محطة للمعالجة غير بعيد عن مرفأ صور، صحيح أن ثمة شواطئ نظيفة في هذه المدينة الجنوبية وتستقطب آلاف المواطنين والسياح صيفا، لكنها أيضا ليست في منأى عن التلوث، إلا إذا كان التلوث يعني في عرف المسؤولين أن يتحول البحر منطقة ميتة لا أثر فيها لحياة.
نحن مع وزير السياحة لجهة تسليط الضوء على كل ما هو إيجابي، لكن دون تزيين الواقع بخلاف ما هو عليه، فهل يتآمر الإعلام على السياحة إذا أكد على ضرورة معالجة مشكلة الروائح المنبعثة من "الكوستابرافا" والمسالخ والتي "تستقبل" السياح؟ وهل ثمة من يجرؤ على فتح نوافذ سيارته من خلدة إلى الناعمة بسبب روائح النفايات المتحللة والصرف الصحي؟ وهل المطلوب التغطية على وجود أبقار نافقة جرفها التيار إلى الشاطئ؟ أو أن نغض الطرف عن المطامر الشاطئية وننسى أن ثمة جبالا من النفايات تشوه الوجه السياحي والحضاري للبنان؟
نعود مرة جديدة إلى "نظرية المؤامرة" لنبرر عجزنا ونلقي تبعات ما نواجه من أزمات على أعداء متوارين يخططون لضرب المواسم السياحية، وكأن ليس ثمة ما يعكر صفو "سياحتنا"، علما أن وزارة السياحة حاضرة وبقوة في مجال تعزيز القطاع السياحي بما تملك من إمكانيات، وهناك دور استثنائي للوزير كيدانيان، لكن اتهام الإعلام يستدعي توضيحا من معالي الوزير، خصوصا وأن التلوث القائم لا تتحمل تبعاته وزارة السياحة فحسب، فهناك وزارات عدة مسؤولة ومعنية، والحل الأمثل لمواجهة عثرات السياحة يكون في التنسيق بين سائر الجهات المعنية، وفق خطة عمل واضحة يتحمل فيها كل وزير مسؤوليته.