#الثائر
قال النائب السابق إيلي كيروز في بيان: "لقد اختار رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ، وفي لحظة سياسية مأزومة، أن يكرر القول بأن الدولة المدنية في لبنان هي الحل الجذري لكل الأزمات التي يواجهها نظامنا السياسي. إن هذا الموقف للرئيس بري، وهو العالم المتمرس بالواقع اللبناني، في التوقيت والمضمون، يستدعي مني الملاحظات الست التالية:
أولا: إن الخطاب السياسي في لبنان يجب أن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يسيء الى سلامة أو صحة المفاهيم والمصطلحات الدستورية والسياسية الثابتة والعلمية.
ثانيا: إن الدولة اللبنانية الحالية، دولة لبنان الكبير، دولة الدستور والجمهورية، دولة الميثاق والاستقلال، هي دولة مدنية.
ثالثا: إن الدولة اللبنانية الحالية هي دولة لا دين لها وهي دولة تحترم جميع الأديان والمذاهب. لقد نص الدستور اللبناني على أن هذه الدولة تضمن حرية الاعتقاد وتحترم أنظمة الأحوال الشخصية. إن هذه الدولة تميز بشكل صريح بين الدين والسياسة بدلا من اختزال الدين في السياسة أو تأسيس السياسة على يقينيات دينية مطلقة.
رابعا: إن المفاهيم والأسس التي ترتكز عليها الدولة اللبنانية والتي حددها الدستور هي كلها مدنية: هي دولة العيش المشترك والقانون والديمقراطية والقضاء المستقل وحقوق الإنسان.
خامسا: أما إذا كان المقصود بمصطلح الدولة المدنية الذي يستخدمه الرئيس بري، مشروع إلغاء الطائفية السياسية، فإني أجد أنه من المفيد التذكير بالنقاط التالية:
1. لقد سبق للرئيس بري في 30/12/2009 أن بادر الى توزيع مذكرة على البعثات الديبلوماسية في لبنان لشرح أسباب دعوته يومها الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية في لبنان. ولقد أثارت المبادرة في حينه ملاحظات دستورية وقانونية وسياسية.
2. إن الطائفية السياسية، في الواقع المجتمعي اللبناني، هي تعبير عن التوازن بين الطوائف في لبنان. وإن التوازن بين الطوائف يشكل ركيزة ميثاقية وليس تفصيلا سياسيا بسيطا.
3. إن إلغاء الطائفية السياسية في لبنان يعني عمليا استبدال طائفية سياسية بطائفية سياسية بديلة. ويعني أيضا العودة الى تحكيم منطق العدد في حياة الدولة اللبنانية. إن هذا الطرح يعيدنا الى السؤال الأساسي المتعلق بمعنى لبنان وعلة وجوده بالنسبة لنفسه وفي العالم العربي وفي العالم.
4. إن المادة 95 من الدستور لم تحسم أي نوع من الطائفية ينبغي إلغاؤه. هل هي طائفية الوجدان والمجتمع أم هي طائفية السياسة فقط؟ إن المادة 95 خلقت التباسا إضافيا حين أشارت في مكان الى الطائفية وفي مكان آخر الى الطائفية السياسية.
5. لقد أرسى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ومنذ العام 1977، مبدأ أساسيا في تاريخ لبنان السياسي وهو أن " لبنان وطن نهائي لجميع بنيه". وفي هذا السياق لا يمكن إلا أن نتوقف عند ما أوصى به الإمام محمد مهدي شمس الدين جميع اللبنانيين والشيعة اللبنانيين بوجه خاص "بأن يرفعوا من العمل السياسي، ومن الفكر السياسي، مشروع إلغاء الطائفية السياسية وبأن يلتزموا بنظام الطائفية السياسية، مع إصلاحه" كضرورة للاجتماع اللبناني ولبقاء كيان لبنان.
6. كيف تستقيم دعوة الرئيس بري الى إقامة الدولة المدنية في لبنان بينما هو على تحالف استراتيجي مع حزب الله الذي يدعو في مشروعه الطموح الى إقامة دولة إسلامية على أن يكون لبنان جزءا من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه.
سادسا: ولقد دعت الكنيسة المارونية منذ العام 2006 الى استكمال بناء الدولة الحديثة والمدنية في لبنان التي تحتاج الى التوفيق بين المواطنية والتعددية، أي الى الجمع بين دائرتين أساسيتين في انتماء اللبنانيين: دائرة فردية مدنية تتحدد بالمواطنية، ودائرة جماعية تريد الاعتراف بالتعدد وبحق هذا التعدد في التعبير عن نفسه".