#الثائر
زار النائب نديم الجميل نقابة محرري الصحافة اللبنانية في مقرها بالحازمية، وكان في استقباله النقيب جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة. وقدم التهنئة بانتخاب المجلس الجديد، متمنيا له التوفيق.
وكانت الزيارة مناسبة لحوار بين الجميل وأعضاء مجلس النقابة والزملاء بحضور رئيس مؤسسة بشير الجميل المهندس ألفرد ماضي والزميل جوزف توتونجي.
القصيفي
بداية ألقى القصيفي كلمة رحب فيها بالنائب الجميل بدار النقابة التي "تفتح بابها لكل الآراء التي تساعد على حماية لبنان باستقلاله وسيادته وحريته البناءة"، وشكر الجميل على "تهنئته وزيارته" مؤكدا أن النقابة، "بدأت ورشة التطور في كل الإتجاهات، وفي القريب العاجل نعد مشاريع وإقتراحات قوانين، تساعد النقابة لتكون فاعلة وقادرة على تحمل المهمات التي تنتظرها. وسنعتمد عليك في مساندة هذه المشاريع والإقتراحات التي سنقدمها، والتي نريد منك أن تكون رأس حربة للدفاع عن حقوق الصحافيين، وليس لدينا أدنى شك بأنك ستكون في طليعة من سيطالب بحقوق الصحافيين. وعندما يكون النائب الشيخ نديم الجميل ضيفا على النقابة وهذا المنبر الفكري الحر، لا بد من أن يكون لنا معه حوار ونقاش حول الأوضاع في لبنان".
الجميل
ورد الجميل بكلمة جدد فيها تهنئته لمجلس النقابة، نقيبا وأعضاء، وقال: "أتمنى لكم التوفيق في عملكم الرسولي والنقابي، وأدعوكم لتكونوا دائما صوت الحق والحقيقة، لأن لبنان الذي دفع ثمنا غاليا للمحافظة على أرضه وإستقلاله وحريته، كان منبرا للكلمة الحرة غير المقيدة ومنبرا للكرامة والعنفوان والرأي الحر وتقبل الرأي الآخر. هذا هو لبنان الذي استشهد من أجله الكثير. وعندما لم يعد لبنان منبرا للفكر والديمقراطية، وهذا لن ندعه يحصل، ينتفي معنى وجوده. ونشد على يد النقيب الجديد جوزف القصيفي الذي، لم يحمل سلاحا مع رفاق له، للدفاع عن لبنان، بل حمل القلم مناضلا في صفوف من دافعوا عن أرضهم وعرضهم".
اضاف: "لا بد لي من هذا المنبر، أن أدعو الدولة لدعم الصحافة الورقية لتؤمن استمراريتها، لأني ولو كنت مع التطور التكنولوجي، لا أرى لبنان من دون صحافة ورقية. وأتمنى لكم ولكل اللبنانيين أن السنة الجديدة سنة ملأى بالخير والمحبة والسلام والإزدهار في بلادنا وكل العالم. وأتمنى لكم التوفيق في الإنطلاقة الجديدة للنقابة. وكلنا نعرف الأثمان التي دفعتها الصحافة اللبنانية من أجل الحرية والرأي الحر. والحرية هي أساس حياتنا. هناك سياسيون يناضلون من أجل السيادة والإستقلال والحرية، هناك صحافيون استشهدوا من أجل هذه الحرية والسيادة. وبناء الوطن الذي نريد ونتمناه لأبنائنا، لا يكون وطنا إذا لم يبن على الفكر والثقافة والحضارة والقيم التي نريد أن يحافظ عليها لبنان".
وتابع: "ومن هذا المنبر أدعو إلى اليقظة بين أبناء لبنان الواحد وإلى انفتاح جديد لمواجهة كل التحديات التي تواجه لبنان، الذي فيه معادلة غير متوازنة بالسياسة أو بالمال أو بالسلاح وفيه هواجس بين أبناء الوطن الواحد، علينا مواجهتها بصراحة وبحوار صادق على طاولة اسمها طاولة لبنان الذي هو فوق الجميع وحامي الجميع. وطن لجميع أبنائه. وطن لا بديل عنه لأحد من اللبنانيين الذين ليس عليهم البحث عن دولة أو دول لحمايتهم في أرضهم. آن الآوان لنا كلبنانيين للجلوس معا على طاولة واحدة لمعالجة كل الهواجس والمواضيع التي قد تفرقنا عن بعضنا البعض. وأنا منفتح على كل إسئلتكم واستفهاماتكم".
الحوار
ثم جرى حوار بين الجميل وأعضاء مجلس النقابة جاء فيه:
سئل: ما هي هواجسك؟
أجاب: "هواجسي هي هواجس المسيحيين والفريق الذي أنتمي إليه، وهواجسي، أيضا، هي هواجس وطنية بإمتياز. وأنا مع ثقافة الحرية والسلام والإزدهار، التي هي غنى لبنان. لبنان بالنسبة لي، الحضارة. هواجسي هي أننا نسسير باتجاه آخر عن الذي نريده للبنان. هواجسي هي فرض هوية جديدة على وطني. هاجسي هو هاجس الوجود المسيحي في لبنان وحضور المسيحيين في صلب الدولة اللبنانية. هواجسي هي أن الكثير من اللبنانيين يعتبرون أن لبنان المعرض إلى مخاطر تغيير هويته لم يعد يشبههم ولم يعد لهم، ولا يرون فيه مستقبلهم. نعم هذه الهواجس تجعل الكثيرين من اللبنانيين أن يخافوا على مستقبلهم في وطنهم، فيستقيلون منه ويهاجرونه".
اضاف: "نعم تكبر هواجسي عندما يمنع بعض الأشخاص مواطنين من الإستماع إلى السيدة فيروز الرمز الوطني بإمتياز. هواجسي تكبر عندما يضع أحدهم فيتو على إحدى المسرحيات أو الأفلام. هواجسي تكبر عندما أرى أشخاصا يرفضون الرأي الآخر، فقط من أجل الترهيب والتخوين والتهديد. طبعا، الإستسلام لهذه الهواجس يهدد لبنان الثقافة والفكر والحضارة والديمقراطية، ويهدد لبنان وطن السلام الذي نطمح ونتطلع إليه. نعم نحن شعب يريد السلام، كما قال النائب السابق فارس سعيد، و"القيامة قامت عليه ولم تقعد". نحن شعب يريد الإنفتاح والعيش معا والمصالحة الحقيقية بين الشعوب مع بعضها والشعوب والدول. هواجسي تكمن في أن الشعوب وأنظمة الدول غير متصالحة مع بعضها. نعم إنني مع عالم عربي جديد مبني على الإزدهار والإنفتاح والإقتصاد الحر، وهذا ما تقوم به اليوم الدول الخليجية. فلماذا لا نكون من هذه الدول التي تريد الإنفتاح على بعضها البعض".
وتابع: "أنا في صراع قديم مع النظام السوري، ولكن أنا اليوم، واقعي جدا، وأقول أن ليس باستطاعة لبنان النهوض إقتصاديا من دون أن يقيم علاقة جيدة وجدية مع سوريا والشعب السوري. سوريا هي المتنفس الأساسي للاقتصاد اللبناني".
وردا على سؤال، قال: "الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في لبنان حاليا، سيئة جدا، وغير مسبوقة في أحلك الظروف الصعبة التي مر بها لبنان. طبعا، الإستياء الذي يبديه المواطن اللبناني اليوم، هو أكبر بكثير من أوضاع إقتصادية سيئة، إنها تغيير لهوية لبنان. لبنان مر بظروف إقتصادية أصعب، ولم يكن مهددا بهويته وكيانه. الإنتماء إلى وطن ليس بالإقتصاد فقط، بل الخوف يكمن في الإستقالة منه. أشعر أن الكثير من اللبنانيين المنتشرين في كل العالم لم تعد لديهم الرغبة للعودة إلى وطنهم، وهذه الهواجس هي هواجس لبنانيين من كل الطوائف وليس فقط من الطائفة المسيحية".
وردا على سؤال، قال: "لنقلها صراحة، حزب الله يحاول فرض هوية جديدة للبنان، بنظام شبه توليتاري ونظام ثقافي يفرض هو معاييره. وهذا يدفع ثمنه السنة والدروز والمسيحيون والشيعة الأحرار. طبعا، لدى حزب الله هواجس تفرض عليه استخدام السلاح لخلق توازن. ولا أعلم عما إذا كانت هواجس وجود وسلطة وحضور سياسي. ان لم أقل أن فريقنا فقط لديه هواجس في لبنان وخوف على مصير وطننا وهويته. إذا استطاع لبنان تأمين التوازن الحقيقي بين كل أبنائه ونكون كلنا متساوين بالحقوق والواجبات، ينتفي الخوف من الآخر. أنا لا أرضى بسلاح في لبنان غير سلاح الدولة. نعم هناك هواجس لدى كل الأفرقاء، وهذا يتطلب أن نجلس معا ونتحاور من أجل إزالة الهواجس من قلوب جميع اللبنانيين".
وقال ردا على سؤال عن الدولة المدنية: "أنا أكثر من ينادون بالدولة المدنية المبنية على الكفاءة وعلى المساواة بين اللبنانيين وعلى عدالة اجتماعية واقتصادية وسياسية حقيقية. وأعتقد أن الاوان حان لنفكر بدولة إتحادية للبنان، كي لا أقول فيديرالية، لأن هذا التعبير لا يعجب البعض. الدولة الإتحادية تجمع كل اللبنانيين، لبناء وطن مبني على اتحاده وقوته لا على ضعفه وعلى انقساماته".
وردا على سؤال قال الجميل: "علينا تغيير الذهنية خصوصا تلك التي "تخون" الآخر وهذا ما لا أستطيع تقبله. علينا أن نتقبل الآخر وإذا لم يكن باستطاعتنا تقبله، فتكون المشكلة عندنا".
أضاف: "لن أتحدث عن بشير الجميل، لأنه والدي، بل سأتحدث عنه لأنه رمز لكثير من اللبنانيين. فهل يجوز أن يتحدث البعض عن بشير الجميل الخائن والبعض الآخر عن رفيق الحريري الخائن؟ كذلك أنا أرفض أن يشتم أحد حسن نصرالله أو أي زعيم شيعي آخر. هذا لا أتقبله ولا أريده. أنا أقول هذا الكلام بكل تجرد، ولم أترب على الحقد والضغينة والكره لأني إبن شهيد. أنا متجرد من هذه الصفات ولا أؤمن بها وأرفضها. ولكي نتخطى كل خلافاتنا ولنلجأ كلنا إلى دولتنا - وطننا، فنشعر بالتساوي بالحقوق والواجبات".
وتابع: "أنا أجريت مناظرة حول المجلس النيابي، ومن يمثل. هل يمثل طوائف أو مناطق أو أحزابا؟ المجلس النيابي يمثل المناطق بالنسبة لي. لقد حافظنا على التوازن الطائفي في المجلس النيابي، ولكن مؤسسي الدولة اللبنانية وعمق تفكيرهم كان أن المجلس النيابي يمثل المناطق".
وعما إذا كان لبنان سيعود إلى الحرب بين أبنائه، قال: "لعدم العودة إلى الحرب، نطالب حزب الله بتسليم سلاحه إلى الدولة. أنا مع اتفاق الطائف الذي لم يطبق بعد. هناك نقاط في اتفاق الطائف يجب تطبيقها. نزع كل السلاح غير الشرعي وإنشاء مجلس شيوخ والدولة المدنية. ويجب محاربة الفساد المتفشي في الدولة. معالجة هذه المواضيع، تجعلنا نتفاءل بلبنان الذي نحلم به".
وعن أوضاع حزب الكتائب وما يحصل فيه وخلافه مع رئيس الحزب، قال: "لم أكن في وارد التحدث عن هذا الموضوع الحزبي الداخلي. ولكن أوكد لكم أن لا خلاف مع سامي الجميل، ولا يحاول البعض التستر وراء مشكلة حزبية للتحدث عن مشكلة بين سامي ونديم. بلى هناك خلل ما في الحزب وهذا الخلل ليس جديدا على أحد. هناك إنكفاء للكتائب على مستوى الحضور السياسي. ونحن نضع كل طاقاتنا لعودة الحزب إلى الموقع الذي يجب أن يكون فيه".
أضاف: "كلا ليس هناك مشكلة في الحزب، بل هناك وضع ما يجب علينا كلنا تداركه. وهذا الوضع بحاجة إلى إنقاذ وإصلاح حقيقي. حزب الكتائب هو حزب وجداني مسيحي والكثير من اللبنانيين، حتى ولو لم يكونوا منتمين إليه، يعتبرون حزب الكتائب نبضا ونمطا للحياة السياسية اللبنانية، ولا أحد يرضى أن يرى هذا الحزب كما هو عليه اليوم. أزمة حزب الكتائب هي أزمة داخلية، ومعالجتها تكون داخل الحزب".
وردا على سؤال، قال: "كلا الحزب واحد ولن تكون هناك حركة تصحيحية. وكلنا مجندون، رئيس الحزب وأنا ونواب الحزب والمكتب السياسي والامانة العامة، لعودة الحزب إلى مكانه الطبيعي. حزب الكتائب وعبر التاريخ، كان يخلق التوازن في الحياة السياسية اللبنانية".
وعمن يتفق أكثر مع سمير جعجع أو النائب سامي الجميل، قال: "أنا كتائبي والخلاف ليس خلافا شخصيا، لا مع سامي الجميل ولا مع سمير جعجع. أنا لست في القوات اللبنانية ومصلحة الكتائب هي الإنفتاح على كل الأطراف وعلى سمير جعجع أولا، لأننا ننتمي إلى الخط نفسه والبيئة نفسها. وأنا مع أفضل العلاقات مع القوات اللبنانية وسمير جعجع. سياستي وسياسة حزب الكتائب مختلفة كليا".
تشكيل الحكومة
وعن موضوع الحكومة، قال: "المطلوب تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وإذا تعثر ذلك، أنا أدعو سعد الحريري لإعادة تفعيل الحكومة القائمة، حكومة تصريف الأعمال. الحكومة الحالية قائمة وباستطاعتها إتخاذ المقررات اللازمة، خصوصا في ظل الأوضاع الإقتصادية المتدهورة. هناك مسؤوليات أمام الرئيس المكلف وأيضا أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال. وأنا لا أتوقع تشكيلا قريبا للحكومة العتيدة، خصوصا في ظل ما يفرضه حزب الله على البلد".
وردا على سؤال عن القمة الإقتصادية وعن دعوة سوريا لحضورها في لبنان، قال الجميل: "كما سبق وأشرت أننا لا نستطيع بناء اقتصاد كبير وبحجم طموح شبابنا ورجال أعمال وطننا، بمعزل عن محيطنا. أكيد لا يمكننا ذلك عبر الجنوب، وليس لدينا سوى البحر أو سوريا. بمعزل عن النظام في سوريا، نحن بحاجة إلى انفتاح على كل العالم بمن فيهم سوريا. العالم العربي بدأ عودته إلى سوريا. طبعا علينا ألا ننسى ماذا صنع النظام السوري في لبنان وأن نضع هذه التحفظات أمام هذه القمة المرتقبة. وعلينا عدم التلهي بالقشور والتخلي عن المضمون الأساسي للقمة الإقتصادية وماذا نريد منها للبنان. أين هي ملفات هذه القمة وبرنامجها؟ علينا أن نعرف ماذا نريد من هذه القمة لإنقاذ إقتصادنا ونموه".
وعن علاقته بالمجتمع المدني، قال: "لا أومن بأن في لبنان مجتمعا مدنيا كما يجب أن يكون. المجتمع المدني في لبنان منقسم ومتصارع بعضه ببعض أكثر من السياسيين، ولم يستطيعوا الإتفاق مع بعضهم البعض، وخياراتهم خيارات سياسية. حزب الكتائب أخطأ بالتحالف مع المجتمع المدني في الإنتخابات النيابية. المجتمع المدني فقد مصداقيته، والتظاهرات التي حدثت منذ أيام لم تكن تظاهرات مجتمع مدني، ونعرف من أين أتت وإلى أين تذهب".