#الثائر
عندما تتهددنا أخطار داهمة تصبح بكركي في واجهة الأحداث، دأبها أن تبعد عن لبنان تجرع الكؤوس المرة، هذا دورها وقدرها عبر التاريخ، فهي الحصن والملاذ وحامية لبنان بشفاعة القديسين في أرض الطهر والقداسة، وبكركي صرح لكل الوطن، ومن أعمدة لبنان العصية على الرياح كأرزه وجباله.
تؤثر بكركي أن تظل بعيدة من كل هذا الصخب السياسي، وأن تنأى بنفسها عن تفاصيل تسرقها من دورها الإيماني ورسالتها السامية، لكن ساعة ترى أن لبنان ليس في مأمن من خطر، يصبح واجبها أن تكون في حاضرةِ الوجع، حاملة صليب المعاناة لترفع عن الوطن هذا الخطر الجاثم كغيمة سوداء ثقيلة، وهكذا في ظل تعثر تأليف الحكومة وتوقف الحركة السياسية والجمود القائم والأخطار المستجدة، أصبحت بكركي في دائرة الضوء، كما قدرها في كل مرة أن تكون ملاذا يفيء إليه الجميع في الشدائد والملمات.
بالأمس شهدت بكركي لقاءات عدة، كان أبرزها زيارة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري لغبطة أبينا الكاردينال مار بشار بطرس الراعي، قبل ان ينتقل لاحقاً إلى بنشعي حيث زار رئيس تيّار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، في حضور الوزير يوسف فنيانوس الذي زار بدوره بكركي صباحاً، معرباً عن اعتقاده ان العقدة في مسألة الحكومة، ما تزال داخلية، داعياً الجميع إلى التواضع لتأليف هذه الحكومة، وكان قد التقى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح بعد الزيارة، وإن كانت ثمة معلومات أكدت أن اللواء إبراهيم نقل لغبطة البطريرك ان مبادرته في شأن تمثيل نواب سنة 8 آذار في الحكومة لم تتوقف، خصوصا بعد أن قوبلت مجموعة الأفكار أو المقترحات التي طرحها الوزير جبران باسيل بالرفض، إن من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري ، وإن من قبل "اللقاء التشاوري" للنواب السنة المستقلين.
في هذا السياق، كان ثمة موقف اليوم من المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي برئاسة أبينا الكاردينال الراعي، جمل رسالة واضحة من أنه "بعدما أثبتت الطبقة السياسية، بسبب من تضارب مصالحها، فشلها في معالجة قضايا الدولة والمجتمع، يؤكد الآباء دعوة صاحب الغبطة الى تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين مستقلين، مشهود لهم بنظافة الكف والضمير".
وفي ما رشح من معلومات، ومن أكثر من مصدر، فإن البطريرك الراعي يتجه إلى دعوة القيادات المارونية إلى الاجتماع في بكركي للضغط من أجل تشكيل الحكومة ، وبحسب مصادر متابعة، فإن الراعي سيبدأ قريباً بإجراء سلسلة اتصالات مع القادة الموارنة لدعوتهم الى طاولة حوار في بكركي لمناقشة جدول اعمال من بند وحيد: كيفية الخروج من مأزق الحكومة والذهاب نحو تأليف سريع، لان البلد لم يعد يحتمل ترف التأخير والشروط والمطالب التعجيزية.
ويُرجّح ان يُعقد الاجتماع الاسبوع المقبل قبل توجّه البطريرك الى الولايات المتحدة الاميركية في 21 الجاري، في زيارة ببعدين راعوي وسياسي ستكون حافلة بجدول لقاءات روحية وسياسية مع مسؤولين في الادارة الاميركية.