#الثائر
أن يكون ما حصل مع النائب رولا الطبش جارودي بالأمر الجلل، فهذا يعني أن بعض اللبنانيين بحاجة إلى "دورات تأهيل روحية"، ولا نقصد واقعة كنيسة أنطلياس فحسب، فالتعصب يشتد ويعم في كل الطوائف والمذاهب، فيما الأصوليات الدينية مستحكمة بعقول الكثيرين.
ما أثار فضولنا هذا الصباح الأبيض مع ثلج كانون، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حيال ما وصفته بـ "تطويق الفتنة"، في وقت كنا نظن أن ما حصل "زوبعة في فنجان"، وأن الأمر انتهى، إلا أن ثمة من يريد تحميل النائب الطبش "وزر" ما حصل، ولا نفهم بادرتها في الكنيسة إلا مشاركة نابعة من قلب مؤمن بأنبياء الله، ومن موقعها الإيماني في انتمائها إلى فضاء الإسلام المنفتح، ربما تسرعت في الاقتراب من المذبح لأنها لا تعلم أنه في مكان ما ثمة إيمان متحجر، لكن أن تقوم عليها "القيامة" ولا تقعد، فذلك إهانة للإنسان فينا.
ولم نكن نتوقع أن يصل الأمر إلى "تطويق فتنة" من خلال اتصال بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وراعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر ، تمّ خلاله تداول في الخلفيات المحيطة بمحاولات تحريك مشاعر الفتنة، واتفق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لطي هذه الصفحة، ومنع المصطادين في المياه العكرة، وشدّد الشيخ دريان والمطران مطر على أهمية الحفاظ على صيغة الوحدة الوطنية والعيش المشترك.
ما واجهته الطبش قد يواجه مسؤولا آخر في مسجد أو أي دار من دور العبادة، خصوصا عندما تفقد قيم المشاركة معناها الحقيقي، ويجري تحميلها أكثر مما تحتمل، ومن المؤسف أن ثمة من أراد أن يضع الطبش في موقف تجري معالجته وتطويقه على أنه "فتنة"، فيما الفتنة الحقيقية تظل متمثلة في تعصب يفقد الطوائف اللبنانية الكثير من حضورها الإيماني، أي المحبة والتسامح والمغفرة!
وإذا كان التعصب "ضارب طنابو" في هذا البلد، فلا نريد لرولا الطبش أن تتحمل أسباب كل هذا التخلف، خصوصا وأن ما يشهده العالم من صراعات لاعقلانية يلقى صدى سلبيا في سائر المجتمعات، ولا نزال نصر على أن لبنان لا يزال يملك القدرة على تقديم نموذج نواجه به العالم، عنوانه العيش الواحد بتجلياته المثلى وتعبيراته الأرقى والأنصع كثلج كانون اليوم، أما "مشاعر الفتنة" فلعن الله من أيقظها!