#الثائر
كي لا نصنف في غفلة من فضائح وكوارث نعيشها على إيقاع ثابت في لبنان، بأننا نناهض الفن، ونكنُّ العداء للثقافة بتجلياتها الأرقى، وللموسيقى التي ترفعنا بعيدا من أدران السياسة، لا بد من كلمة نقولها، فإن ظلت مكتومة في القلب تجرح وإن خرجت تفضح.
مع كل التقدير للفنانة ماجدة الرومي ، نستغرب كيف أن لبنان الرسمي وغير الرسمي استنفر ليواكب الرومي في رحلتها الفنية إلى "مهرجان طنطورة" في المملكة العربية السعودية ، واعتباره حدثا تاريخيا، شارك فيه رؤساء سابقون، وزراء حاليون، ممثلو تيارات سياسية وعدد غير قليل من العاطلين عن السياسة والفن، ولأن الحدث "جلل"، كان من المفترض أن ينتدب لبنان ممثلا عنه لحضور المهرجان، أما أن نشهد تظاهرة سياسية و"حج" فني إلى المملكة، في بلد صادر السياسيون أفراحه ونأوا عن هموم أبنائه، فذلك يعني أن "عِلِّــــــيَّة القوم" لا يأبهون لوجع الناس، ولا يدارون أحزانهم، ولا يخجلون من فشلهم في تأليف حكومة ويبتسمون للكاميرات ويغردون على "تويتر" وأبناء عمه من مواقع التواصل الاجتماعي.
في لبنان عائلات تحت مستوى خط الفقر، بلد يتداعى بنيانه، واقتصاد مشلع مثل شجرة ما عادت بقادرة على حماية جذعها وفروعها من عواصف هوجاء، وثمة من يمارس طقوس البذخ، في وقت المطلوب فيه التضامن مع المواطنين في مواجهة غيلان السلطة، وهم يمعنون في تخريب البلد ذودا عن مصالح خاصة، بثلث معطل حينا، واستئثار ونفخ أحجام أحيانا، وكأنه لم يعد معيبا أن يبقى لبنان مكشوفا وعاجزا عن أن يتآلف سياسيوه في حكومة وحدة وطنية، ولو بشروطها الدنيا.
لسنا ضد الفن والفنانين وإن اختلفت أذواقنا، ولسنا ضد أجواء الفرح، ولكن مراعاة لمشاعر اللبنانيين، وتضامنا مع آلامهم، كان من المستحسن أن "تحج" السلطة إلى مقر مجلس الوزراء مع حكومة جديدة قبل أن يطل العام 2019، وبعدها فليشاركوا في كل مهرجانات الأرض من المملكة العربية السعودية إلى أوروبا وزيمبابوي ومجاهل الأمازون.
تبقى إشارة مهمة، إن مهرجان "طنطورة" اكتسب هذا الإسم نسبة إلى "ساعة شمسية" تعرف بالـ "طنطورة"، ويعتمد عليها أهالي العلا (مكان المهرجان) لإثبات دخول فصل الشتاء، ألا نحتاج نحن اليوم إلى "طنطورة" تذكر أهل السياسة أن الوقت يمضي من عمر اللبنانيين ومستقبل بلدهم؟ وألا يدرك المسؤولون أننا بحاجة إلى "طنطورة" لبنانية تضع حدا لهذا التمادي بتنغيص حياتنا؟