#الثائر
هل بدأ التمييع والالتفاف على كارثة تلوث نهر الليطاني من باب تغطية المرتكبين والمخالفين وتحت عنوان حماية القطاع الصناعي؟ وهل دخلنا مرحلة المهل الإدارية القابلة للتجديد لاستباحة النهر على غرار ما هو قائم في قطاع المقالع والكسارات والمرامل؟
هذه الأسئلة بدأت تضغط وتؤرق مواطنين اكتووا بنار الأزمة، موتا وأمراضا، خصوصا بعد قرار وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن إعادة فتح أحد المصانع، بالرغم من أن صاحبه والموقوف على ذمة التحقيق بتهمة الإعتداء على البيئة والأملاك العامة، أخلي سبيله، نتيجة ضغوطات "من فوق"، وجرى تدبيج مخرج يقول بأن اصحاب المصنع أبدوا استعدادهم للالتزام بالمعايير البيئية، وتم إمهالهم مدة شهر لتنفيذ الإجراءات المطلوب تنفيذها لتكرير ومعالجة النفايات، وتم سوق العديد من الذرائع الواهية.
المشكلة أبعد من إعادة فتح مصنع ملوِّث، وأكبر من إخلاء سبيل من دانه القضاء صراحة، وثمة مخاوف من أن يصار إلى تكبيل "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" بما يقعدها عن استكمال دورها في استعادة الليطاني من الملوِّثين، مع ما يترتب على هذا الأمر من "فرملة" لإجراءات مفترض أن تطاول سائر الأنهر اللبنانية، بمعنى أن تكون ثمة انتكاسة في مواجهة الفساد، خصوصا وأن هناك العديد من المدعى عليهم في معامل عدة أيضا، فمن يضمن ألا يصار أيضا إلى تسويغ الخطأ عبر مهل "تسوية أوضاع"، ولو تضمنت عبارة "تحت طائلة الإقفال النهائي"؟
بغض النظر عن الحيثيات والتفاصيل، ثمة مخاوف لتشريع الفساد بحجج واهية، ويبدو في مكان ما أن القوى السياسية تتسلح بحرص "ملغوم" على القطاع الصناعي، ولو على حساب حياة الناس، علما أن على المصانع أن تكون ملتزمة بداهة بالمعايير البيئية، وألا تكون مستبيحة لنهر يمثل شريانا حيويا في محافظتي البقاع والجنوب، فبأي منطق ترمي عشرات المصانع ومئات المؤسسات الصرف الصحي والصناعي مباشرة إلى النهر؟
ما حصل بالأمس يمثل انتكاسة في معركة مواجهة الفساد، وفي معركة الإصلاح لاستعادة لبنان من براثن الفاسدين والمفسدين في كل مواقع وقطاعات الدولة، وهذا ما يعيدنا إلى مربع الفساد الأول، لتعود الأمور سائبة مسيبة، ولتتحول وزارات الدولة والسلطة التنفيذية عموما راعية وحامية لمن يبدو أنهم إلى الآن فوق الدولة وأكبر منها.
كل الخوف في ما شهدنا ونشهد، أن يكون ما حصل "مكتوب يُقرأ من عنوانه"، وعندها على الدولة السلام، وإلى الفساد در.