#الثائر
اقترعوا للأزمة وها هم اليوم يتظاهرون للخروج منها ومواجهتها، منحوا أصواتهم لأحزاب السلطة فإذا بهم ينزلون إلى الشارع ليستعرضوا لا ليعارضوا، فلا " السترات الصفراء " نفعت ولا أي سترة يمكن أن تنفع طالما أن معظم الشعب اللبناني بات اليوم طالبا "السترة"، ويخاف من مغتصبي حقوقه ومبددي ماله وسارقي مستقبله وحقه في حياة كريمة، وكما أنتم يُولى عليكم، وتظاهرة اليوم بدت وكأن ثمة من يريد أن يواجه نفسه، السلطة تتظاهر ضد السلطة مستغلة وجع أتباعها من أجل "القوطبة" الاستباقية على ما هو أعظم، ومن أجل تنفيس الغضب الشعبي، أن تظاهروا "وحلوا عنا".
ولأن غوغاء السلطة السياسية تجلت في كل ما رافق تشكيل الحكومة من مماحكات تحكمها مصالح قوي سياسية وشخصيات وزعامات، فكانت الغوغاء حاضرة عبر أتباعها في تظاهرة اليوم، فاستهدف المتظاهرون محلات الصيرفة ومستوعبات النفايات، ويبدو أنه في لحظة تفكر، خلص بعض المتظاهرين إلى أن مستوعب النفايات هو المتآمر على لبنان واللبنانيين، فانتقموا منه نصرة لكراماتهم المهدورة.
لا يمكن بالتأكيد تعميم هذا الجو على جميع من نزلوا اليوم إلى الشارع، لكن بصراحة لا نعلم ما معنى أن تتظاهر بعض أحزاب السلطة وضد من؟ أو أن الغرض "تنفيسي" لهضم نقمة الناس؟
تجدر الإشارة إلى أنه كانت قد سبقت التظاهرة تهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أن من يطلق شعارا ضد حزب وتيار سياسي معين سيشهد ما لا يعجبه، تهديد صريح، فضد من يهتف المتظاهرون؟ ومن أوصل البلد إلى ما هو عليه اليوم من تشتت وتشرذم وفوضى؟
جمهور أحزاب الطوائف تجمع في مناطق مختلفة من لبنان أيضا، ناشطو الحراك المدني انسحبوا من تظاهرات بيروت، الحزب الشيوعي اللبناني أوعز لمناصريه بعدم المشاركة بعد أن تلقى مناصروه تهديدات صريحة وكانوا عرضة لاستفزازات، فما هو المطلوب من تحركات استهدفت مستوعبات نفايات وكأنها المسؤولة عن عرقلة تشكيل الحكومة وتعرضت بالتخريب أيضا للأملاك العامة؟
نعلم أنه في كل بلدان العالم تقوم حركة احتجاج على أساس خطة وبرنامج عمل واضحا ومحددا، إلا في لبنان فالسلطة تواجه السلطة، ولا من يفسر هذه الظاهرة بغير الخواء، مع التحية لمئات وآلاف من تظاهروا يحركهم الوجع!