#الثائر
– أنور عقل ضو
لسنا ممن يتابعون أخبار الفن والفنانين ولا تعنينا من قريب أو بعيد تفاصيل حياتهم، ولا متابعة يومياتهم، ليس انتقاصا ولا موقفا مسبقا، لأننا نرى في الفن سموا فوق المادة، تحليقا في فضاء أعلى من المحسوس، ونربأ بأنفسنا أن تشغلنا مؤخرة الممثلة المصرية رانيا يوسف في ختام مهرجان القاهرة السينمائي، كـ "حدث استثنائي" تكالبت وسائل الإعلام طوال الأيام الماضية على متابعته تعليقا وردود فعل، هي تماما كمؤخرة الفنانة المذكورة.
ولأننا بعيدون عن أجواء الفن والفنانين، ولا يعنينا إلا البعض القليل منهم، لم يتسنَّ لنا سماع أغنية راغب علامة "طار البلد"، وقد أسدى النائب حكمت ديب خدمة لا تقدر بثمن مساهما في انتشار الأغنية، حين قال "هيدا (راغب علامة) لازم يطير راسو، شو يعني طار البلد؟ شو هل اللامسؤولية"!
كلام ديب الانفعالي ينم عن ارتباك، ويتضمن دعوة للقتل صادرة من نائب يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، ومن على هواء فضائية لبنانية، فهل ضاق صدر المسؤول في لبنان، أي مسؤول، إلى حدود "مواجهة" أغنية، تعبر أولا وآخرا عن رأي الفنان، وهو يحاول رسم ملامح أزمة تعصف بالبلد وتكاد تسقطه في هاوية المجهول؟
في التقييم الفني بعد أن استمعنا للأغنية على "يوتيوب" لنعرف من باب الفضول سبب ردة فعل النائب ديب، تبين أن اللحن عادي جدا، وليس ثمة جملة لحنية تشدنا لسماعها باستثناء الكلمات، وهي تستشرف خطرا يتهدد لبنان، لنتبين أن علامة تأخر كثيرا في اكتشاف أن البلد طار فعلا، فعدم القدرة على تشكيل حكومة يعني "طار البلد"، استمرار الفساد يعني أيضا "طار البلد"، ومع كل ما نواجه من أدران السياسة ومواقف السياسيين نتيقن أن للبلد جناحين وآيل للطيران فعلا، وليس على جناح أغنية.
في كلمات الأغنية توصيف سياسي دقيق لما تناولناه تحليلا ومتابعة على موقعنا "الثائر"، ولما نزل نحذر وسنظل، إلى أن يقتنع السياسيون أن البلد طار، والمطلوب استعادته، كي لا يجنح بعيدا فلا نعود نراه.
أما إذا استشعر النائب ديب في الأغنية ما ينتقد العهد، فنقول له أن العهد يعالج إرث الفساد المتجذر في عظم الدولة ونخاعها، والمطلوب الهدوء والاستماع إلى وجع الناس، وراغب علامة واحد منهم، ولتتسع الصدور للنقد، فنا وأغنيات أفضل من نق ونقيق ونعيب ونحيب ونعيق، نعم طار البلد إذا لم نستدرك الخطر عاجلا، وسيحلق في فضاءات لا يمكن أن نطالها بعد الآن!